في رحاب السلم الاجتماعي يمكن تحقيق التنمية والتقدم نحو المصالح المشتركة، وتكاتف الجهود في خدمة المجتمع والوطن. وفي غياب السلم الاجتماعي تزداد فرص ظهور مظاهر الحقد والكراهية ونفي الآخر وتخوينه وتكفيره. نظرا لتداعيات الحروب والإرهاب في منطقتنا العربية فنحن اليوم في أشد الحاجة لتعزيز مفهوم السلم الاجتماعي والمقصود به حالة السلم والوئام داخل المجتمع نفسه، وفي العلاقة بين جميع أطيافه وشرائحه. وكذلك ما تتعرض له المملكة من هجوم لم يسبق له مثيل من خلال استهدافها من قبل المنظمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي فإن تحقيق السلم الاجتماعي عامل أساسي ومُلح لتوفير الأمن والاستقرار في المجتمع. وإذا ما فقد السلم الاجتماعي فإن النتيجة تدهور الأمن وزعزعة الاستقرار. إضافة إلى أن أهم مقاييس صحة المجتمع تكمن في سلامة العلاقة بين مواطنيه. وتقوية الجبهة الداخلية لا تقل أهمية عن تقوية الجبهة الخارجية فهما مكملتان لبعضهما البعض، كيف نحقق السلم الأهلي؟ أولا: على الدولة تنظيم العلاقة بين المواطنين بعضهم ببعض، وبينهم وبين الدولة بأنظمة وقوانين محددة وسد ثغرات التأويل فيها. وعلى مبدأ العقد الاجتماعي والذي بدوره يقر الحقوق والواجبات التي بدورها تنظم شؤون الحياة المشتركة، وقاعدة للتوفيق بين الإرادة العامة للجماعة والإرادات الفردية. تعزيز روح الانتماء للوطن وليس إلى أي انتماء آخر قد يكون التحزب إليه يضر بالوطن وبالمصالحة العامة. تسليم الحق بالاختلاف تمشيا مع القاعدة الذهبية في فقه الاختلاف لدى العلماء «نجتمع في ما اتفقنا فيه ويرحم بعضنا بعضا في ما اختلفنا فيه». فالاختلاف سنة الله في خلقه وهو إثراء للمجتمع، والاختلاف نقيض الخلاف. والسلم الاجتماعي يتحقق من خلال مبدأ عقلاني يجمع ولا يفرق، والبحث عن القواسم المشتركة قبل أن تبحث في نقاط التمايز والاختلاف. ترسيخ ثقافة الحوار وفي وجود التقنية وشبكات التواصل الاجتماعي كل ما نحتاجه هو الصبر، يجب أن نصبر على بعضنا فهناك «البعض» قد يفتقد لأسلوب وثقافة الحوار، ولكن بالممارسة تزول كل هذه السلبيات وأن يكون حوارنا على مبدأ أن لا أحد يملك الحقيقة المطلقة. حظر كل خطاب إعلامي محرض على الكراهية أو الاقصاء أو نشر ثقافة محرضة على العنف ورفض الآخر. التسامح: يقول الباحث الإسلامي الأستاذ محمد محفوظ في كتابه «التسامح وقضايا العيش المشترك» : «التسامح لا يعني بأي حال من الأحوال التنازل عن المعتقد أو الخضوع لمبدأ المساومة والتنازل، وإنما يعني القبول بالآخر والتعامل معه على أسس العدالة والمساواة بصرف النظر عن أفكاره وقناعاته الأخرى». فالتسامح هو القيمة الإنسانية التي تقود إلى معالجة جميع الاختلافات الإنسانية. ولا خيار لنا غير التسامح؛ لأن الخيار الآخر هو خيار اللاتسامح وهو إقصاء الكل للكل والنفي المتبادل بين جميع أفراد المجتمع. تغريدة : لن يستفيد من غياب السلم الاجتماعي إلا عدو، ويبقى الخاسر الأكبر هو المجتمع. فغيابه هو حالة «خسارة - خسارة» لا يوجد فيها منتصر.