صدرت حديثاً المجموعة القصصية كمستير، للقاصّ الأردني جعفر العقيلي، جاءت في 172 صفحة من القطع المتوسط. وكُمُستير هي لعبة شعبية يمارسها الأطفال، حيث يغمض فيها أحدهم عينيه بينما يتيح للبقية الاختباء في محيطه، ثم يفتح عينيه ويبدأ البحث عنهم، فإذا عرف موقع أحدهم لمسه بكفّه وهو يقول: كمستير. ثم يكون على الطفل المقبوض عليه إغماض عينيه لتبدأ اللعبة من جديد. يعيد العقيلي في مجموعته الرابعة كمستير، رسم أحداث مفترَضة تجمع بين إمتاع التلقي وتحريض الفكر، موائماً بين سلاسة السرد وحيويته، وقوة اللغة وحضورها، وجماليات الحدث ومفارقاته، حيث تقود الأحداث البسيطة والمقدمات التي تبدو للوهلة الأولى عادية ومنطقية، إلى نهايات غير متوقَّعة. تقارب كمستير الصادرة حديثاً ضمن منشورات وزارة الثقافة الأردنية، موضوعات تتعلق بالهم الإنساني المستمَد من واقع الناس وحياتهم اليومية، سواء كانت هذه الهموم نفسية أو معيشية أو سياسية، ومن ذلك قصة تنازلات، حيث تقود مجموعة من المصادفات إحداثيات يوم البطل إلى ما لا تحمد عقباه، وما كان لهذه المصادفات أن تأخذ البطل في اتجاه التنازل والمشي الحيط الحيط لولا أنه انساق لها نفسياً مقنعاً داخله بصحّتها. ويفهم العقيلي الكتابة على أنها أكثر من مسألة لغوية مجردة، موضحاً: أتجنب الثرثرة في السرد، ولا تستهويني ضروب البلاغة وفتل العضلات في التعبير. بساطة اللغة هي التي أستعين بها لأقول ما لديّ. ويستدرك: لكنني أحتفي بتفاصيل المشهد والحالة النفسية المسيطرة في النص، تتلاشى المسافة بين الكتابة والتقاط الصورة لدي، وأجدني أحمل كاميرا على كتفي وأنا أكتب، أرصد كل نأمة ورفّة جفن وأتتبع العلاقة بين البطل وما يحيط به من مفردات تؤثث المكان، هنا تحديداً يكون لكل مفردة دور ووظيفة، فإن لم تؤدِّ المطلوب منها فلماذا أتمسك بها؟!.