اتهمت أوساط حقوقية في تعز، الميليشيات الحوثية بارتكاب مجزرة جديدة بحق المدنيين في المدينة، وذلك بقصفها العنيف بالمدفعية، أمس، لعدد من الأحياء السكنية، الأمر الذي أسفر عن سقوط قتلى، بينهم 3 أطفال، إضافة إلى إصابة عدد كبير من المدنيين. وتأتي هذه التطورات بعد أن حققت القوات الموالية لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بمساندة قوات التحالف التي تقودها السعودية، تقدما كبيرا في جبهات القتال الغربية والجنوبية في مديرية المسراخ، وطهرت ما نسبته 80 في المائة من المديرية، إذ اقتربت من مركز المديرية التي تسيطر عليها الميليشيات الانقلابية. وفي أعقاب التطورات الميدانية، دعت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في جبهة المسراخ عبر مكبرات الصوت، ميليشيات الحوثي والمخلوع المحاصرة في بعض المناطق والقرى، إلى سرعة الاستسلام، قبل التقدم لتطهير المناطق التي يتحصنون فيها. وشهدت جبهات القتال في محافظة تعز، أمس، مواجهات عنيفة بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة، وميليشيات الحوثي والمخلوع صالح من جهة أخرى، إذ احتدمت المواجهات في مناطق الذنيب والمقضة والمخعف، بعزلة الاقروض في مديرية المسراخ بالإضافة إلى مواجهات أخرى في جبهة حيفان، جنوب المدينة. وقال العقيد الركن منصور الحساني، الناطق الرسمي باسم المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية في محافظة تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «عناصر الجيش والمقاومة بعد تمكنهم من استيراد مواقع هامة واستراتيجية كانت خاضعة للميليشيات الانقلابية، كثفت هذه الأخيرة من هجماتها كرد انتقامي مما لاقته من خسائر فادحة مادية وبشرية». وأضاف: «تمكن الأبطال من استعادة تبة الخزان المطلة على إدارة أمن مديرية المسراخ ومواقع أخرى هامة واستراتيجية في المسراخ، وشددت الخناق على الميليشيات وتستعد لتحرير كل المديرية وسط انهيار كبير، بينما تبقي من فلول المتمردين»، وتابع قائلا: «كما تمت السيطرة على مواقع أخرى هامة في حيفان ومن بينها جبال استراتيجية تتمركز فيها الميليشيات، جبل الزحب والريامي والسويداء والحصن وكلايين، ورافقها اشتباكات عنيفة في منطقة عسيلان، بعد أن أطلقت الميليشيات صواريخ الكاتيوشا على عناصر المقاومة في منطقة عسيلان، ما اجبر عناصر المقاومة بالرد من خلال القصف العنيف على مواقع الميليشيات الانقلابية، وما زالت المواجهات مستمرة والتقدم متواصل وعناصر ميليشيات التمرد تلوذ بالفرار بعد أن تكبدت خسائر كبيرة بالمعدات والأرواح وأبطال الجيش والمقاومة تلاحقها وتغنم أسلحة وذخائر». وفي جبهة حيفان، جنوب مدينة تعز، تمكنت عناصر المقاومة الشعبية من تطهير ثلاثة مواقع هامة كانت تحت سيطرة ميليشيات الحوثي والمخلوع والاستيلاء على عدد من الأسلحة والعتاد العسكري. وأكد الناشط حسام الخرباش لـ«الشرق الأوسط» بأن «عناصر المقاومة الشعبية سيطرت على تبة الحصن الاستراتيجية وموقع النوبة وسط معارك شرسة مع الحوثيين، وتحاول الآن السيطرة على جبل الهيتاري أهم موقع استراتيجي في المديرية، وكل هذه الانتصارات التي حققها الجيش بمساندة أبناء الاعبوس والشيخ عادل علي عبد الجليل الذي يحظى باحترام كبير في أوساط المواطنين»، وذكر الخرباش بأن الميليشيات «قطعت معظم طرقات مديرية حيفان في المناطق التي ما زالت مسيطرة عليها، في الوقت الذي لا يزال الوضع الصحي متدهورا للغاية ومعظم المراكز الصحية أغلقت منذ دخول الميليشيات إلى المديرية». إلى ذلك، قالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات الحوثية قصفت بالمدفعية المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة التي تعود ملكيتها للمستثمرين من أهالي محافظة تعز، وآخرها استهداف الشركة اليمنية لتصنيع المواد البلاستيكية التي تعود ملكيتها لرجل الأعمال هزاع طه ناجي، في منطقة الحصب بمدينة تعز، وتسببت في خسائر مادية كبيرة للشركة بالإضافة إلى توقف الشركة عن العمل. ووفقا لمصادر محلية، لـ«الشرق الأوسط»، فقد قتل وجرح العشرات من عناصر الميليشيات الحوثية في المواجهات التي دارت في جبهات القتال، وكذا في قصف لطائرات التحالف، في المسراخ وحيفان، كما طال قصف التحالف مواقع ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح بالقرب في مدينتي ذباب الساحلية والمخا الساحليتين على البحر الأحمر، وأيضًا تجمعات الميلشيات في عدد من المناطق الواقعة بين محافظتي تعز ولحج. في سياق آخر، ناقش مجلس تنسيق المقاومة الشعبية في تعز، الوضع الأمني للمدينة وأبرز الأحداث الأمنية التي وقعت مؤخرًا، واتخذ حزمة من القرارات لضبط الأمن والتعامل مع الخارجين عن القانون، ووجه المجلس مديري المكاتب التنفيذية ومديري المديريات للتعامل مع السلطة الشرعية ممثلة بالأخ محافظ المحافظة الشرعي علي المعمري، وكذا تكثيف الجهود في سبيل تمكين السلطة الشرعية ومساعدتها لممارسة مهامها تجاه المواطنين والمدينة، وحمل المجلس ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية مسؤولية العبث برواتب أفراد الأمن واحتجازها، كما حمّل المدعو عبده الجندي، الذي عينه الحوثيون محافظا لتعز، مسؤولية التلاعب برواتب موظفي الدولة وأفراد الأمن، وأقر المجلس رفع مذكرات إلى كلٍ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الصحة ومحافظ المحافظة بخصوص الإهمال الذي يتعرض له الجرحى، مؤكدين لهم ضرورة الإسراع بالعمل على تسفير من تقرر سفرهم للعلاج في الخارج. على الصعيد الإنساني، لا تزال مدينة تعز، التي تُعد واحدة من المحافظات العشرة من إجمالي 22 محافظة في اليمن، تعاني انعدام الأمن الغذائي الشديد الذي وصل إلى مستوى الطوارئ، وهو المستوى الذي يسبق المجامعة مباشرة، وذلك وفقًا لمقياس مكون من خمس نقاط في التصنيف المرحلي المتكامل لحالة الأمن الغذائي، إذ أصبحت كثير من الأسر لا تجد ما يكفيها من الغذاء ومياه الشرب وبعض المستلزمات ليعيشوا حياة صحية، ووفقًا لتقرير الاحتياجات الإنسانية للأمم المتحدة في عام 2016، هناك 7.6 مليون شخص في اليمن يعانون انعدام الأمن الغذائي الشديد، وهو مستوى من العوز يتطلب توفير مساعدات غذائية خارجية على وجه السرعة. وقد حذرت الأمم المتحدة، وللمرة الثانية في أقل من شهرين، من وقوع مجاعة في مدينة تعز اليمنية التي تخضع لحصار من ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح منذ أشهر، وذلك بعدما بعد أن تمكن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من يقدم مساعدات غذائية، يوم السبت الماضي، ليدعم بذلك ثلاثة آلاف أسرة لشهر واحد فقط، إذ أوضح بعد دخوله مدينة تعز بأنها تعاني نقصا حادا في الغذاء وتقف على أبواب المجاعة.