ما شهدته الأيام العشرة الماضية يدعو إلى الإحباط، وأعني المنازعات التي كان بعض منسوبي الهيئة، والمتعصبين للجهاز كاملا، هم أبطالها، ومن صورة إلى صورة، وفيديو للتالي، ومن صحيفة لأخرى كان العالم يتفرج، بدءا من دمية الخرج، ثم فتاة النخيل والشاب الشهم، وما قيل وما زال يقال عنه، وانتهاء بما تعرض له الإعلامي القدير؛ علي العلياني، من الاعتداء الصريح، والانتهاك لسمعته وخصوصيته. في هذه الأثناء، تطرق كثيرون لبعض الممارسات التي تورط فيها أعضاء آخرون من الجهاز نفسه، على رأسها تلك القضية الشهيرة عن المئة وخمسين حالة. التطور الجديد، أنه ومنذ ليلتين، دخلت أسماء كبيرة وجماهيرية من الدعاة على خط الصراع، وراحوا يتحدثون عن أعداء الوطن من الإعلاميين، معتبرين أن انتقاد الظلم والأخطاء، في هذا الوقت، ليس سوى محاولة لزعزعة أمن البلاد، وهي تمر بلحظات حرجة. رد عليهم عدد من الإعلاميين بأن الأعداء فعلا هم من يحطم صورة البلاد وجهدها وموقفها، ليس من ينتقد الأخطاء، بل من قاموا بالأحداث نفسها، ولم يكن صعبا أن يعود البعض إلى تاريخ بعض الأسماء وكتاباتهم وخطبهم، معتبرين أنها كانت سببا مباشرا في التحريض على طوائف أخرى في الوطن، انتهت إلى تفجيرات مساجدهم، لا سيما وبعضهم دعا علانيةً إلى تسوية أماكنهم بالأرض، زد على هذا ما رُصد من أراء ومقولات التي أسهمت في حشر الشباب في حروب القريب والبعيد، تحت ذريعة الجهاد والنفير. وهكذا، تبادل الطرفان الإدانة، وبعضهم كما العادة كان بشكل صريح أو موارب يستعدي السلطة على خصومه، ويضرب في اعتقادهم وموقفهم، ويحث المسؤول على إدانتهم ومقاضاتهم، والزج بهم في السجون. الخطير في لعبة الترامي بالخيانة هذه، أنه لا أحد يريد أن يسمع أحدا، تختفي مساحة التفاهم، ويحل محلها البغض الجارف والرغبة في محو الخصوم. الخطير الآخر، هو القفز على الأخطاء والممارسات التي لا يمكن تسميتها بغير الكارثة، عدم الالتفات إليها وتجاهل أخذها بجدية عاجلة، تحت ذريعة الظروف والأزمة أو المرحلة، متجاهلين ما يمكن أن ينتج عنها من انقسام اجتماعي وأحقاد مؤجلة، وتشققات في الحائط الأخير للأمان، والذي هو علاقة الناس ببعضهم. على العدالة المعلنة أن تتدخل، وتضع نفسها في موضع الثقة الاجتماعية، لتحمي هذا التماسك، ليس بمراكمة الأخطاء وترحيلها للمستقبل، وإنما بالتدخwwل السريع الذي لا يترك فرصة لأي إحساس شعبي بالتفاقم.