×
محافظة المنطقة الشرقية

الحملة الوطنية السعودية تواصل توزيع الكسوة الشتوية على اللاجئين السوريين في البقاع اللبناني

صورة الخبر

لا نزال في منتصف عروض «مهرجان برلين» بينما السياسة والتعاطف الإنساني يُطلان برأسيهما بجُرعة أراها مطلوبة فرضتها الأحداث، إلا أنها في الوقت نفسه محسوبة بدقة. في كثير من دورات المهرجان تلمح ظلالاً لموقف إنساني أو رؤية سياسية، لا تجرح أبدًا شفافية المهرجان، مثلاً العام الماضي منحت لجنة التحكيم جائزة «الدب الذهبي»، وأراها مستحقة، للمخرج جعفر بناهي وفيلمه «تاكسي». البعض قرأها رسالة سياسية من ألمانيا إلى إيران تهتف عن طريقها بالحرية لبناهي، حيث إنه ممنوع ليس فقط من السفر، ولكن أيضًا من ممارسة الإخراج السينمائي وينتظره حكم بالسجن لم يتم نقضه بعد ولا تزال تتداوله المحاكم. المهرجانات السينمائية الثلاثة الكبرى: «كان» و«برلين» و«فينيسا»، لا تُخفي تعاطفها مع بناهي هو وعدد آخر من المخرجين الإيرانيين الذين يواجهون تعسف النظام وتعرض أفلامهم التي يتم تسريبها خارج الحدود لو كانوا يقيمون في إيران، ولكن لا يتم توجيه لجنة التحكيم لمنح جائزة لها مذاق سياسي. والتفسير الذي انتهى إليه بعض الزملاء وينفي عن المخرج الإيراني الكبير أحقيته بالجائزة، أراه يحمل قدرًا من التعسف. المهرجان في دورته الحالية الـ66 يوجه رسالة إنسانية قبل أن تكون سياسية، فهو يتعاطف مع اللاجئين والمشردين، خصوصًا هؤلاء النازحين؛ سواء من أفريقيا السوداء أو من عالمنا العربي، وبالطبع يقف في المقدمة السوريون الذين أثاروا تعاطف العالم كله. وكان موقف المستشارة الألمانية ميركل قد أثار أيضًا إعجاب العالم، حتى إن البعض في عالمنا العربي أطلق عليها إعجابًا «الخالة ميركل»، فهي عاشت في طفولتها مرحلة الضياع والتشرد والتشرذم والانقسام الذي تكبده الشعب الألماني في أعقاب الحرب العالمية الثانية وما أطلق عليه بعدها «الحرب الباردة»، إلا أن المهرجان لا يمكن أن يختار فيلمًا لأنه يعبر عن قضية إنسانية بقدر ما ينبغي أن يسكن الشريط السينمائي وهج إبداعي.. لا ننسى على سبيل المثال كيف أن المهرجانات الكبرى تعاطفت مع أفلام «الربيع العربي»، ولكنها في النهاية لم تمنحها جوائز منذ انطلاقها في 2011، ومن الممكن أن ترى وجهًا آخر للسياسة وعلاقتها بالمهرجانات في نطاق عالمنا العربي؛ حيث تمنع مشاركة الأفلام الإسرائيلية، وعلى الجانب الآخر، لم تتوقف محاولات الاختراق الإسرائيلي لفتح ثغرة تنفذ منها.. حاولوا قبل 7 سنوات بفيلم «زيارة الفرقة»، وكرروا المحاولة قبل عامين بفيلم «فيلا توما»، بينما نجحوا مثلاً وعرضوا «خمس كاميرات محطمة» في أحد المهرجانات المغربية، ومع الأسف وجد هذا الأمر تشجيعًا من البعض، بل إن فيلم «فيلا توما» كان على مشارف أن يخترق مهرجان الإسكندرية في دورته قبل الأخيرة لولا أن هناك أصواتًا تصدت بشدة لتلك المحاولة. إنها تبدو كما ترى شعرة بين أن تتبنى قيمًا إنسانية نبيلة وأن تمنح جائزة أو حتى تعرض فيلمًا لمجرد التعاطف السياسي، الأمر في النهاية ينبغي أن يندرج في إطار الرؤية الفنية وليس أبدآا تابعًا لموقف سياسي بطبعه متغير. ولو تتبعت السينما السورية في المهرجانات العالمية فستجدها أحيانًا تقع تحت طائلة قانون الالتباس عربيًا، بينما دوليًا نلاحظ أن أغلب المهرجانات لا تزال تقف مع الثورة، بينما في عالمنا العربي لم يحسم الأمر بعد.. كانوا في الماضي مع الثورة، ثم أصبح عدد من المهرجانات لا يرى بأسًا من عرض أفلام تتبنى وجهة نظر بشار الأسد. السياسة تدق بقوة على الأبواب، ولكن لو غاب الفن لتحول الإبداع إلى خطب عصماء تملأ الآذان ولكنها أبدًا لا تعرف الطريق إلى الوجدان، و«مهرجان برلين»، الذي تعلن جوائزه يوم السبت المقبل، لا يزال يراهن على سينما المشاعر!!