توقع اقتصاديون أن تظهر آثار رفع أسعار الوقود وبعض الخدمات في المواطنين خلال ستة أشهر، مبينين أن فئة ذوي الدخل المحدود الأكثر تأثراً من غيرها، وأن تأثيراتها في الطبقة المتوسطة ستكون محدودة، مشيرين إلى أن ارتفاع معدل التضخم قد يزيد من صعوبات الأسر، وبخاصة في أشهر المناسبات، كما هي الحال في شهر رمضان، مطالبين السعوديين بتغيير نمط الإنفاق الذي اعتادوه، والتمييز بين الأساسيات والكماليات في حياتهم. وأوضح الأكاديمي الدكتور عبدالوهاب الموسى، أن «جملة التأثيرات المتعلقة برفع أسعار بعض السلع، ومن بينها الطاقة، المرتبطة بحياة الناس اليومية، لم تظهر بعدُ، وإنما بعد ستة أشهر من تطبيق القرار»، مبيناً أن «تأثيراته بدأت تظهر على السطح من خلال فروقات بين الصرف في السابق والحالي، وهو ما سيتسبب في إرباك بالموازنة، وسيكون الفرق في المصروفات بين قبل رفع الأسعار وبعده بنسبة 46 في المئة، أي ما يقارب النصف، وتحديداً ستكون آثاره أكثر وضوحاً في شهر رمضان والمواسم التي اعتاد السعوديون مضاعفة الصرف فيها، إذ ستظهر مشكلات في الميزانية لدى الطبقات محدودة الدخل، ولاسيما أن الانكماش الاقتصادي العام في البلاد يترك أثره في ذوي الدخل المحدود قبل غيرهم في مختلف دول العالم، إلى أن يتسلل ويصل بالتدريج إلى الغالبية من المواطنين، وستكون الطبقة الوسطى هي المتأثرة، إلا أن أصحاب ذوي الدخل المحدود هم الأكثر تضرراً في ارتفاع الأسعار». وأضاف أن «التأقلم مع الوضع الاقتصادي الجديد يتطلب وتيرة متوازنة من الإنفاق، ونمط حياة جديداً يشبه إلى حد كبير إعادة ترتيب سلوكيات الإنفاق، كما أن الفورقات بدأت تظهر بشكل بسيط، لن تلبث حتى تصل إلى مرحلة متوسطة ومنها إلى الأعلى، وهنا ستظهر ملامح اقتصادية جديدة يمكن أن تكون إلى الترشيد أقرب منها إلى بقية الأمور، وستترك أثراً في إنفاق الأسر، وسيكون جانب الالتزام في تقليل النفقات أو ترشيدها خياراً لا بد منه، وتقليل جوانب الترفيه والكماليات». من جانبه، اعتبر المحلل الاقتصادي الدكتور محمد بخرجي أن «خللاً كبيراً سيصيب إنفاق السعوديين، فالحاصل أن الزيادة في الإنفاق لا تقابلها زيادة في الدخل، وزيادة الإنفاق تأتي من ارتفاع أسعار الوقود وبقية الأمور، إضافة إلى نمو معدلات التضخم، الذي يرتبط بالعديد من الأمور المعيشية التي لا يمكن الاستغناء عن الإنفاق عليها». وأشار إلى أن «مؤشر المعيشة الحالي سيرتبط بصعوبات أو ما يسمى تحديات جديدة، إذ إن البعض سيسعى للبحث عن فرص وظيفية مكملة لمتطلبات الحياة الأساسية والترفيهية التي اعتادوا عليها»، مبيناً أن «قطاع الأعمال سيواجه قرارات ترشيد الإنفاق، وستستغني الكثير من المؤسسات والشركات عن موظفين؛ لمواجهة أوضاعها الاقتصادية، إذ سيكون أحد الخيارات السهلة هو تقليل عدد الكوادر الوظيفية، والاستغناء عما لا لزوم لوجوده». واعتبر أنه «من خلال المؤشر الرسمي لمعدلي الإنفاق والتضخم في السعودية، سيلاحظ تغيراً جذرياً»، مضيفاً: «الأسواق تبحث عن السيولة، لذلك ستزيد العروض الترويجية، مع قلة الطلب»، متوقعاً أن تصل نسبة تأثر مؤشر المعيشة بنحو 40 في المئة، وربما يرتفع إلى أكثر من ذلك، تماشياً مع ارتفاع الأسعار لكل ما يرتبط بأسعار الوقود»، مؤكداً أن «المؤشر المعيشي يرتبط بعوامل متعددة، أهمها الكلفة المعيشية الكاملة، والإنفاق على كل قطاع مع تقديم الأولويات فيه، فقطاع الملابس يختلف عن التعليم، والتعليم يختلف عن الصحة، وهكذا، إلى أن تصبح أولوية في حياة السعوديين، بعيداً عن الإنفاق غير المتوازن»، وأضاف: «في 2015 وبحسب مؤشر الرقم القياسي العام لكلفة المعيشة الصادر عن مصلحة الإحصاء العامة، لوحظ ارتفاع في بعض أشهر السنة، وهذا العام سيكون اختلاف جذري في الأرقام»، مؤكداً أنه «سيكون الانخفاض سمة بارزة في المؤشر مع ارتفاع أجور النقل والمواصلات، وبعض المواد الغذائية». من جانبه، أشار الاقتصادي الدكتور أحمد الحربي، إلى أن تأثر المواطنين برفع الأسعار، سيكون تدريجياً، وسيكون أكثر وضوحاً في حال سجل مؤشر التضخم أرقاماً غير متوقعة، مبيناً أن سلوكيات الناس من الصعب أن تتغير بين يوم وليلة، مشيراً إلى أن حجم الزيادة في الأسعار لم يكن كبيراً بالدرجة التي تجعل المواطنين وبخاصة محدودي الدخل يتأثرون بها، مؤكداً أن التأثير الحالي محدود جداً. وأوضح أن الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين لم يطرأ عليها تغير كبير حتى الآن، وهذا يدل على أن الزيادة في الأسعار لم تؤثر فيهم في المدى القصير، ولكن من الممكن أن تترك أثراً على المستوى البعيد، أو من خلال الحسابات السنوية وليست الشهرية لمن يقومون بإعداد موازنة، أو أصحاب الدخول المحدودة من الملتزمين بأقساط أو ديون، وقال: «الأوضاع الاقتصادية طبيعتها التغير، لذلك يحتاج الإنسان إلى أن يؤقلم نفسه معها، كما أنه مطالب بالعمل على زيادة دخله باستمرار». وكانت السعودية أقرّت نهاية العام الماضي رفع أسعار الوقود، بحيث يكون سعر "بنزين 91" 0.75 ريال للتر الواحد، ارتفاعاً من 0.45 ريال للتر، وسعر "بنزين 95" 0.90 ريال للتر الواحد، ارتفاعاً من 0.65 ريال.