"كائناً من كان".. جُملةٌ تزرع الثقة عند الناس حينما يقولها مسؤول لديه صلاحيات إصدار القرارات خصوصا تلك التي تمس مقدرات الوطن وأمن أهله ومعيشتهم. "كائناً من كان" تعني عدم الاستثناء قطعيا أياّ كانت صفة هذا الكائن ومكانته وصلاحياته لهذا يجب أن يخضع للقانون والتعليمات وهذا للأسف ما ينقص التنفيذ في بلادنا في كثير من الأحيان. الضابط النظامي حينما يهم بتطبيق ما ورد بالقوانين فانه يصطدم باستثناءات على أرض الواقع لايوجد لها مسوغات قانونيّة بل هي توهمات أملاها أصحاب المصالح والنفوذ في الأذهان فأصبحت عُرفاً شائنا يعيب النظام ومن يطبّقه. يُفترض أن يعرف هذا ال" كائنا من كان " بأنه لا يوجد في أيّ قانون رسمي أو نظام حكومي نص يقول: " يُستثنى من تطبيق هذا القانون/ النظام عِلية القوم ومن في حكمهم من أصحاب المعالي أو السعادة أو الوجهاء والأثرياء أو الطبقة الفلانية" حيث إن وجود أي استثناء في النظام يجعله هشاً مخترقا بلا قيمة. لهذا يجب تطبيق ما ورد بالقوانين والأنظمة على الجميع وبالتالي يجب امتثال "كائنا من كان" لما ورد بها من نصوص مثله مثل غيره. السؤال: كيف هي الحال في مجتمعنا حيال تطبيق القوانين؟ وهل يقف الجميع بالفعل سواسية أمامها ومن خلفها وبين ثنايا نصوصها؟ الجواب للأسف مُحبط. لهذا تحرِص القيادة بين حين وآخر بتذكير هذا الكائن من كان بأنه غير مستثنى مما يرد من أوامر ويخضع كغيرهِ للقوانين. في الشارع، والدوائر الحكومية، في المطار والبنك، في المستشفى، وحتى في دور العبادة التي يتساوى فيها البشر أو هكذا يُفترض، هل يتم التعامل مع الجميع بنفس المستوى من الاهتمام والاستقبال وتقديم الخدمة؟ طبعا ل ... لهذا وَجَدَ هذا ال"كائن" نفسه حين رفعه البعض بأنه أرفع درجات عن غيره فاعتقد واهما أنه مستثنى أيضا من القوانين والأنظمة فأعاده التحذير والتذكير لمكانه الطبيعي ووضعه تحت قاعدة "كائناً من كان". ربما الموقع الوحيد الذي يتساوى فيه الجميع (في الحياة الدنيا) أمام كاميرات ساهر إذ لا تُفرّق فلاشاته بين سيارة وأخرى لكن المسؤول (البشريّ) الذي يُحلل تلك المعلومات والصور هو من يخلق الطبقيّة والاستثناءات. أُحيي التقنية وأجهزتها التي لا تستثني " كائنا من كان " فتعلموا من ضميرها أيها البشر. aalkeaid@hotmail.com لمراسلة الكاتب: aalkeaid@alriyadh.net