أحسن المهرجان الوطني للتراث والثقافة صنعا، أن ضمن برنامجه الثقافي الندوات الفكرية المتخصصة ذات البعد الاستقرائي لواقع الأمة التي تعيشها، وجعلت المنتديات للمتخصصين مُنصبة على موضوعات ذات صلة بالواقع الذي تعيشه الأمة العربية والإسلامية، وقد شمل برنامج المهرجان كعادته الاستقبال السنوي لضيوف المهرجان أمام خادم الحرمين الشريفين، وهي سنّة أطلقها -المغفور له بإذن الله- الملك عبد الله، فهي سُنّة حسنة وحظي هذا الاستقبال بتغطية إعلامية واسعة على مستويات متعددة وعبر الصحافة المحلية والأجنبية، وأقيمت للضيوف الحديث المباشر لخادم الحرمين الشريفين، مع هؤلاء العلماء والمفكرين، وقد جاء خطابه إليهم شاملا عدة مرتكزات ومحاور أراد منها الملك -حفظه الله- أن يرسل إلى العالم كله، أن هذه البلاد اعتمدت في منهجها الكتاب والسنة، ولن تحيد عنهما مهما كان الأمر، ثم إن الواقع الذي تعيشه أمتنا هذه الأيام فرض أسلوبا جديدا في التعامل الإعلامي مع منطلقات حديث الملك إلى هؤلاء المثقفين، جاء في مقدمتها أننا ندافع عن أنفسنا، فهو حق من حقوقنا، ولكنا لا نتدخل في شؤون الآخرين، بهذه الرسالة كان توجيه الملك الصادق والصادر من قلب زعيم مسلم يعي خطورة المرحلة، وأنه لا مكان للتخاذل في الدفاع عن مقدساتنا وعن وطننا مهما كلف ذلك، وأن قواتنا التي تدافع عن الحق ستظل في حراسة حدودنا ومقدساتنا دفاعا عن الوطن وترابه ومقدساته. يأتي هذا الحديث بعد أن نقل الضيوف شكرهم للمهرجان ووزارة الحرس الوطني، وأبدوا تعاضدا مع مواقف المملكة التي تتخذها تجاه المحافظة على المملكة وشعبها ومقدساتها، وأن هؤلاء العلماء يؤيدون موقف المملكة الداعم لموقف الشرعية في اليمن ومساندة الشعب اليمني الشقيق، وتحدث بعض هؤلاء الضيوف أيضا عن رسالة المملكة تجاه المسلمين في العالم وخدمة ضيوف الرحمن، وأن ما تنفقه المملكة يصب في رسالتها الدعوية التي تخدم من خلالها استقرار العالم وأمنه، وتقف إلى جهود المنظمات الدولية التي تحرص على رفع الظلم عن الشعوب، بقي موقف آخر أبرز في هذا اللقاء الأخوي الذي جمع الملك مع ضيوف المهرجان، وهو الدعم اللامحدود الذي تبذله المملكة على مختلف الصّعد دعما تقف فيه المملكة مع الأسرة الدولية مع الشعوب المكلومة وإغاثة اللاجئين والنازحين الذين تشردوا من جراء الحرب الظالمة التي يقودها النظام السوري، حتى غدت سورية أرضا جرداء لا حياة فيها نتيجة البطش والقتل والتشريد، والمملكة ومن خلال رسالتها أيقنت أنه من واجبها الوقوف مع الدول التي تدعم هؤلاء المظلومين، فأنشئت المنظمات الإغاثية، ورأينا برنامج الإغاثة للشعب السوري ومركز الملك سلمان للإغاثة واللجان العاملة فيه، والتي يصل خيرها إلى الدنيا كلها، خصوصا الشعوب المكلومة مثل اليمن وسورية، وتحرص المملكة على أن تحتل مكانة متقدمة في الدعم الذي تمثل أخيرا في إعلان وزير المالية د. إبراهيم العساف بمبلغ 100 مليون دولار أميركي، إلى جانب الدعم السابق لهذه القضية، والذي يفوق المليارات تقريبا عن طريق المساهمات المحلية والدولية وبرامج الإغاثة. إن خطاب الملك -حفظه الله- أمام ضيوف الجنادرية واضح وصريح، وينبئ عن حكمة رجل هاجسه القلب الرحيم واليد الممدودة بالعطاء للمحتاجين، وشهادات هؤلاء الضيوف، وهم يتحدثون عن جهود المملكة وإبراز مكانتها، لدلالة أكيدة على ما تحتله المملكة في نفوس هؤلاء الضيوف وغيرهم، الذين أكدوا حبهم وولاءهم لهذه البلاد، وتمنوا في نهاية اللقاء أن تعود أمثال هذه المناسبات على المملكة وأهلها، وقد تحقق لهم مزيد من التقدم والنهضة المستمرة.