هناك مفردات كثيرة يرددها الإنسان العربي دون أن يعيشها واقعا، ولغتنا العربية مليئة بالكلمات الجميلة والمصطلحات الزاهية لكنها تظل حبيسة القاموس اللغوي ولا تخرج منه إلى الحياة إلا في أندر النادر. تعالوا نتأمل مفردات ثلاثا على سبيل المثال، هي: (السعادة، التسامح، الشباب)، ألا تلاحظون أنها تشبه المستحيلات الثلاثة الشائعة (الغول والعنقاء والخل الوفي)، جميلة لغتنا العربية لأنها أحيانا تفسر متناقضات الإنسان العربي بشكل دقيق لا تستطيعه أي لغة أخرى. هاتوا لنا عصرا من العصور العربية عاش فيه الإنسان العربي السعادة بمعناها الإنساني الحقيقي المجرد من التلبيس، أي السعادة الإنسانية من أجل الإنسان دون علاقة بموقعه الاجتماعي أو السياسي أو العائلي أو الديني. السعادة لا تأتي تجر أذيالها للإنسان العربي إلا بوسائل وأسباب لا تتحقق لكل إنسان، سعادة نخبوية تتحقق بسلب سعادة الآخرين بمقايضة غير أخلاقية لا تمنح المسلوب سوى فتات الشعور بأنه إنسان له حقوق فضلا عن ترف المطالبة بأن يكون سعيدا. ومنذ متى كان في تأريخنا العربي والإسلامي تسامح حقيقي؟. الثأر هو الراية التي ترفرف في تأريخنا، والحقد والتربص والوقيعة تحت مسميات مراوغة هي العناوين التي يتفاخر العرب بها. حروب تستمر عشرات السنين، وثارات تنتقل عبر الأجيال، ودماء تسيل بلا توقف لأسباب تافهة ومخجلة جدا أن يحتويها التأريخ العربي. وحتى في هذه الحقبة التي أصبحت دماء المسلمين والعرب مجانية وأصبحنا نرفع شعار التسامح كضرورة للتعايش فإننا نكذب على أنفسنا لأن كل ما نمارسه يناقض الشعار تماما. لا تسامح يمكن أن يحدث في العقلية العربية وهي ما زالت ترزح تحت إرث رديء يغذيه من يتكسبون منه، إنها بحاجة إلى استئصال جذري لكثير من القيم المتعفنة حتى يمكن لها أن تعيش التسامح الذي تعيشه بقية الأمم. أما الشباب فإنهم على مدى التأريخ العربي مثال للنزق والسفه والتهور وكل المثالب والقيم السلبية، لذلك لا بد من الوصاية عليهم وعدم الاعتداد بآرائهم أو إعطائهم حتى فرصة لقول الرأي. دائما نتغنى بحكمة الشيوخ ورزانتهم ورجاحة عقولهم وضرورة أن يكونوا الأوصياء على الشباب لنصبح عمليا بلا شباب فاعل منتج. حسنا، لماذا قلنا كل ما سبق؟. لأن دولة عربية تجاوزت الخيال العربي وقررت مأسسة هذه المصطلحات الثلاثة عبر وزارات تقودها وزيرات. أليس ذلك أضخم من أي خيال في واقعنا العربي الراهن. وهل يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة تدشين هذه القيم والمعاني النبيلة بشكل يخجل منه الآخرون ثم يبادرون إلى الاقتداء به؟. دعونا نرى. habutalib@hotmail.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة