×
محافظة المنطقة الشرقية

“رعد الشمال ” المناورة العسكرية الأكبر في تاريخ المنطقة .. بقيادة السعودية

صورة الخبر

هو نقطة الانطلاق، ساعة الصفر التي بدأت من عندها رحلة الإمارات لمرحلة ما بعد النفط، هو ذاك الصرح الذي شهد الخلوة التاريخية بين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لرسم خريطة مستقبل موحدة لهذا الوطن. هنالك في قلب الصحراء امتدت الخيوط الذهبية لتفتح باب الشمس على مصراعيه ليشهد عهداً جديداً ويكتب سطوراً من نور في كتاب تاريخ الدولة. إليه ذهبت، لأذوب مع ذلك الفضاء الغامض والساحر الذي يختزن قصص الفروسية وأشعار البادية، وعبر بواباته الضخمة دخلت لتفتح لي أشعتها الذهبية منافذها، لأرى وأرصد وأنقل عبر أسطر مقبلة، تفاصيل منتجع باب الشمس الذي شهد كتابة التاريخ. إذاً، هي الصحراء المتاخمة لمدينة دبي، حيث يقبع منتجع باب الشمس وسط الكثبان الرملية، ساعة ونصف الساعة، هي المدة التي ستقطعها سيارتنا من أجل الوصول إلى هدفنا المنشود. وقت طويل كفيل بأن يجعلني أشرد بذهني وأتأمل ناطحات سحاب دبي وجمال معمارها، اللذين يخطفان القلوب، إلى أن بدأنا نهجر المدنية والحداثة، لتصطف الرمال الصفراء على الجانبين. هي الصحراء التي تأسرني بحنينها وتوحشها وتمردها وجنونها وعطفها وكل تناقضاتها، تلك الصلبة الشامخة التي استطاع الإنسان أن يروضها، بل ويحول من رمالها الملساء ذهباً يلمع عبر الدروب. لم يكن أحد يصدق أن تلك الموحشة تخفي وراءها كثيراً من الأسرار والمعجزات التي تستطيع بجدارة أن تشد حواس الجميع لتتحول الأنظار والقلوب إليها، بل يدفع زائرها آلافاً مؤلفة من نقوده من أجل أن يقضي أياماً بين أحضانها. كاذب من يقول إن الطبيعة الخضراء هي فقط التي تتسم بالإبداع والجمال لأنك حين تتأمل لون الصحراء وتتحسس رائحتها، وتفهم وتدرك تفاصيلها، لا تملك سوى أن تكون مسيراً لا مخيراً، لاهثاً عبر دروبها. تلك كانت حالتي طوال الطريق إلى منتجع باب الشمس الصحراوي، الذي ما إن خطوت خطواتي الأولى فيه إلا وتسرب داخلي إحساس بأنني دخلت عالماً يجمع بين تناغم اللون الأصفر ومثيله الأزرق، ليقدم لوحة فنية ترسمها الكثبان الرملية التي تتعانق مع مياه المسابح التي راحت تنتشر في كل أنحاء المنتجع. لا يمكن لك أن تشغل تفكيرك بأي شيء، فقط تجد نفسك استسلمت لصفاء الجو الذي يحيط بك، والهدوء الذي يتسرب إليك والسكينة التي تفتقدها في المدينة، التي راحت تحمل معها كل أبواق الإزعاج، حالة من الاسترخاء تضبط نفسك متلبساً بها وأنت تتابع تلك الإطلالة التي يتميز بها منتجع باب الشمس على أطراف الصحراء المترامية. تنصت جيداً للهدوء، فتسمع همس الريح لسعف النخيل، تتأمل بعينيك فترى لوحة نادرة لكثبان باب الشمس الرملية، حتى الوجوه التي تحيط بك وتستقبلك بابتسامة هادئة لا ترى عبرها سوى قلوب بِكر لم تعرف للتلوث طريقاً. حتماً عندما تتأمل صحراء ذلك المنتجع لا بد أن تشعر بضآلة الإنسان، فلا تملك سوى الصمت. استسلمت قدماي للسير في أنحاء منتجع باب الشمس، الذي تم إعداده على شكل حصن عربي تقليدي، وبدأ صوت مرافقي لقي، هكذا اكتفى بتعريف نفسه، في الحديث قائلاً: لدينا ما يقرب 120 غرفة وجناحاً مجهزة بديكورات عربية تقليدية قديمة، ويكملها أول مطعم صحراوي عربي أصيل في الهواء الطلق بالمنطقة، وكذلك مجموعة رائعة من المرافق الترفيهية. ويتوافر في باب الشمس أيضاً كل الخدمات التي تحاكي العادات العربية الأصيلة مثل ركوب الجمل والخيل، إضافة للمسابح الخاصة للكبار والصغار والصيد بالاستعانة بالصقور، وناد صحي، وتدريب على اليوجا والقيادة في الصحراء. قبل أن ينهي مرافقي حديثه، كنا وصلنا إلى الصحراء التي تلقي بظلالها وكثبانها على باب الشمس، وشهدت أكبر تجمع من السائحين من مختلف الجنسيات الذين راحوا يلتقطون كادراتهم وصورهم بين السيلفي وتلك اللقطات الجماعية التي تجمعهم بأحبائهم، ورحت في حالة تأمل لهم بعد أن تحولوا جميعاً، حتى المسنين منهم، إلى أطفال يتسابقون في اللحاق لركوب الجمال والخيول، والتصوير مع ذلك الرجل الذي وقف حاملاً صقره المدرب علي الطيران، والعودة إليه، ما إن يرى منديله الأبيض الذي يلوح به، حالة من المتعة والجمال والراحة والاستجمام والهدوء والسكينة استطاع باب الشمس أن يظلل بها رواده. لفتت نظري تلك الشابة التي تجلس في أحد المطاعم تتابع من بعيد حالة استمتاع السائحين بالمكان، تأملت أسرتها وأطفالها الذين راحوا يلهون على مقربة منها، اقتربت منها وسألتها عن سبب اختيارها لهذا المكان تحديداً للتنزه فيه، فأجابتني خديجة الفيصل: أنها ببساطة بيئتنا التي نفضلها ونعشقها ولن ننساها، لا أجد متعة حقيقية سوى في جولتي عبر كثبان الصحراء الرملية، والحقيقة سمعنا كثيراً عن ذلك المنتجع فقررنا أن نأتي لزيارته من بلادنا في المملكة العربية السعودية، وعن حق أحسسنا أننا نعيش في واحة من الرفاهية بتصميمات عصرية مستوحاة من فنون الهندسة المعمارية العربية. بالفعل إنها تجربة فريدة من نوعها، تمنح النزلاء شعوراً حقيقياً بالعيش في الصحراء. وكأن المنتجع كله رسالة تقدير إلى تراث المنطقة، بداية من المنشآت التي تشبه الخيام، والمستوحاة من تجمعات القبائل الصحراوية ونمط الحياة البدوي، إلى المباني المقامة من الطوب اللبن. كما تزدهي الفيلات بالعديد من لمسات الفنون العربية الواضحة، من الخشب المشغول، إلى الزخارف الدقيقة وتصميمات الأرابيسك والأسقف العالية. كاتي رودستار، كانت تستعد إلى الدخول إلى مركز الاستجمام (سبا)، ولكنها صممت تأجيل الموعد للحديث مع الصحافة. هكذا بررت تأجيلها للمسؤولة عن المركز، قبل أن تبدأ حديثها معي، قائلة: في بلادنا الغربية نفتقد إلى المناخ الصحراوي، وأنا عاشقة للصحراء ولرحلات السفاري المختلفة، وسافرت إلى العديد من البلدان في المشرق العربي والبلدان الآسيوية، إلا أنني بلا مبالغة لم أستمتع في حياتي إلا في هذا المكان العبقري، كل ما أريده حولي من رمال وصحراء ونخيل وأماكن رومانسية، تصلح لقضاء شهر العسل، ومطاعم التي تضم سهرات الأصدقاء. تتفق رشيدة المهيري، تماماً في الرأي مع كاتي، خصوصاً عندما تحدثت عن الخصوصية، التي تتميز بها الأسرة العربية والتي تجدها في قضاء أوقات عطلاتها بكل هدوء، بحسب المهيري. تقول: نحن العرب لدينا عادات وتقاليد وأعراف نحافظ عليها في كل مجالات حياتنا، ولأننا نريد أن نستمتع في هدوء واحترام، فضلنا أن نأتي إلى هذا المنتجع الصحراوي وأقمنا في جناح خاص، واستطعت وأسرتي أن نحقق حالة الاستجمام من دون أن يتطفل أحد علينا. إيما لودج لخصت حديثها عن رحلتها إلى المنتجع بأنها رحلة ممتعة وترفيهية وتعليمية أيضاً للصغار، وتقول: أكثر ما أعجبني في باب الشمس هو أن صغاري الذين اصطحبتهم إلى تلك الرحلة، لكي أعرفهم بالصحراء لتتشكل في ثقافتهم، تعلموا واستفادوا الكثير، خصوصاً أنني فوجئت بأن المنتجع ينظم رحلات سفاري في قلب الصحراء ويوفر لنا كنزلاء ركوب الخيل والجمال في رحلات قصيرة في كثبان الرمل المحيطة بنا، لذا فهو بالفعل مميز وفريد من نوعه. لذا فزيارتي كانت مثمرة لمنتجع باب الشمس وأعتقد أنها ستتكرر مرات عديدة فهو يعتبر واحة خضراء في قلب الصحراء وهذا شيء نادر الحدوث. كان روبرت دانيهو يركض وراء طفلته الصغيرة التي انطلقت تلهو في الرمال، انتظرت حتى انتهيا من لعبهما وراحا يلتقطان الأنفاس في أحد مقاهي المنتجع المطلة على المسبح الكبير، تحدث الرجل قائلاً: نزهة ممتعة تجمع بين الصحراء والبحر، خصوصاً أن المنتجع يضم 3 مسابح ضخمة تطل على الصحراء، وهذا شيء بديع وأسطوري، يكفي أن ابنتي لم تفارقها الابتسامة منذ أن وصلنا إلى المنتجع. وتتحدث أناييل روستارس وهي في حالة من الانبهار بالأجواء، قائلة: المكان رائع ولكني وجدت متعتي الحقيقية في السهرات المسائية في مطعمه العربي البدوي الذي يقدم التراث الإماراتي، وهو بالفعل يستحق الاحترام والتقدير فمع كل الحداثة التي رأيتها في مدينة دبي بشكل عام وحتى منتجع باب الشمس بشكل خاص، فإن المحافظة على التاريخ والحرص على تعريفنا به كأجانب وزائرين أمر غاية في الروعة والجمال. حديث روستارس دفعني للانتظار حتى بدء نشاط ذلك المطعم الذي يعتد به منتجع باب الشمس، وتطلب الأمر أن نشهد لحظة الغروب، والحقيقة فإن القلم يعجز عن وصف تلك اللحظة من قلب الصحراء التي يطل عليها المنتجع، ويكفي آهات الإعجاب التي راحت تنبعث من أفواه السائحين وصوت الكادرات الذي تحول إلى شيء يشبه أبواق السيارات المزعجة. ها هو مرافقنا يصحبنا إلى المطعم المشهود الذي يقدم كل ما هو متعلق بالتراث، بدءاً بالطعام مروراً بالزي وحتى العروض الفنية. فها هي موائد من الأسماك تحت العريشة الخشبية، تلتفت يميناً فلا تجد سوى نار التنور الضخمة التي تصطف من حولها القدور الكبيرة التي تفوح منها رائحة الأكلات التراثية والعربية والصحراوية الشهية، وتلتفت يساراً لترى المأكولات العربية والغربية والآسيوية مصفوفة ومقدمة بطريقة مبتكرة.