تنتظر مصر إجراءات دستورية وسياسية مهمة بعد الاستفتاء على الدستور المقرر منتصف الشهر الجاري، إذ تتجه النية إلى تعديل خريطة الطريق وإجراء انتخابات الرئاسة قبل انتخابات البرلمان، وفقاً لما أبدته القوى المشاركة في الحوار الذي رعاه الرئيس الموقت عدلي منصور، إضافة إلى تعديل وزاري محدود قد يشمل وزارة الدفاع في حال قرر الفريق أول عبدالفتاح السيسي خوض انتخابات الرئاسة. وقال مسؤول مطلع على ترتيبات الانتخابات لـ «الحياة» إن «الاتجاه الأرجح في رئاسة الجمهورية هو إجراء انتخابات الرئاسة أولاً، بعدما أبدت نسبة كاسحة من المشاركين في الحوار المجتمعي رغبتها في ذلك الأمر». لكن مستشارة الرئيس سكينة فؤاد نفت لـ «الحياة» ما نُسب إليها من القول إن قراراً اتخذ في هذا الشأن. وقالت: «ما صرحت به هو أن الحوار المجتمعي الذي عقد خلال أربع جلسات عكس تلك الرغبة، لكن الأمر تحسمه دوائر صنع القرار في مؤسسة الرئاسة». وأوضحت المصادر لـ «الحياة» أنه في حال الاستقرار على إجراء انتخابات الرئاسة أولاً فإن إعلاناً دستورياً سيصدره الرئيس يتضمن ذلك التعديل. وقالت إن «نتيجة الاستفتاء ومجريات العملية سيكون لها تأثير في كثير من ترتيبات المرحلة اللاحقة لإجرائه». وقالت مصادر عسكرية لـ «الحياة» إن وزير الدفاع سيعلن قراره في شأن الترشح لانتخابات الرئاسة من عدمه عقب الانتهاء من إجراءات الاستفتاء على الدستور وليس قبل ذلك. وقالت: «في حال اتخذ قراراً بخوض الانتخابات، سيتم إجراء تعديل وزاري يشمل منصب وزير الدفاع إلى جانب وزارات أخرى محدودة بينها وزارة الدولة للإنتاج الحربي التي خلت بوفاة الفريق رضا حافظ». وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتمع مساء أول من أمس برئاسة السيسي لمناقشة ترتيبات تأمين الاستفتاء على الدستور واستعدادات القوات المكلفة تأمين المقار واللجان الانتخابية في جميع المحافظات. ونقل بيان عسكري عن السيسي قوله إن «حماية الشعب المصري وتوفير المناخ الآمن للمواطنين للإدلاء بأصواتهم خلال عملية الاستفتاء من المهام الرئيسة للقوات المسلحة»، مؤكداً «ضرورة تفهم القوات المشاركة للمهام والواجبات المكلفة بها والتعامل بكل حسم ضد من يحاول التأثير على إرادة المواطنين أو المساس بأمنهم وسلامتهم». وكان السيسي شهد أمس إجراءات تفتيش على أحد تشكيلات الجيش الثالث الميداني في السويس. وأكد أن «القوات المسلحة ماضية في القضاء على الإرهاب ومحاربته بصوره وأشكاله كافة». وطالب القادة والقوات بـ «اليقظة الكاملة واتخاذ التدابير والإجراءات كافة التي تمكنهم من تنفيذ المهام والواجبات المكلفين بها والتعامل بكل قوة وحسم ضد من يحاول المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين». وقالت القوات المسلحة في بيان لتهنئة الشعب المصري بحلول العام الجديد: «لن نمكن قوى الظلام والإرهاب من أن تروع أبناء شعبنا، أو تعوق مسيرتنا لتحقيق خريطة المستقبل، بل لن نسمح لها بأن تعكر أجواء أعيادنا أو تطفئ أنوارها». في المقابل، حذرت «الجماعة الإسلامية» المنضوية في التحالف الداعم للرئيس المعزول محمد مرسي من «تدبير أو اصطناع أي أحداث عنف في أعياد المسيحيين». وعبرت عن «الريبة من أن هناك جهات داخلية أو خارجية قد تتورط في تدبير واصطناع مثل هذه الأحداث في أعياد المسيحيين». وطالبت مؤيدي مرسي «بأن يبتعدوا عن الكنائس وأماكن المتنزهات في أيام أعياد المسيحيين حتى لا يعكر ذلك صفو فرحتهم في يوم عيدهم». وعززت قوات الأمن من تواجدها في محيط الكنائس الكبرى، خصوصاً في شبه جزيرة سيناء التي تشهد حملات أمنية مكثفة مشتركة بين الجيش والشرطة للتدقيق في هوية الزائرين والمغادرين لمدنها، وسط إغلاق طرق في محيط مقرات أمنية ومنشآت حكومية. وأبطلت قوات الحماية المدنية وخبراء المفرقات عبوة ناسفة زرعت على طريق العريش - الشيخ زويد، بعد تلقيها بلاغاً من مواطن. إلى ذلك، ظهر أن السلطات ماضية في تجفيف منابع تمويل جماعة «الإخوان المسلمين»، إذ قال مصدر قضائي في لجنة حصر وإدارة أصول وأملاك الجماعة إن «اللجنة بصدد الإعلان عن قائمة تكميلية من أسماء قيادات وأعضاء تنظيم الإخوان الذين صدرت بحقهم قرارات بالتحفظ على أموالهم وممتلكاتهم كافة»، بعد قائمة أولى ضمت 132 قيادة من الجماعة جرى التحفظ على أموالهم، وفقاً لحكم قضائي بالتحفظ على أموال وممتلكات الجماعة. وأشار إلى أن «الأسماء الجديدة جاءت استناداً إلى عملية فحص دقيقة تباشرها اللجنة وفي ضوء التقارير التي وردت من جهات أمنية وتنفيذية تفيد بأن هؤلاء الأشخاص يقعون تحت طائلة منطوق الحكم». وأكد أن «اللجنة تجري مراجعة دقيقة للبيانات كافة التي ترد إليها من جهات أمنية وتنفيذية في الدولة تتعلق بالجمعيات محل التحفظ، للتأكد من وجود صلة قوية بين الإخوان وتلك الجمعيات، حرصاً على تلافي وقوع أخطاء وحتى لا تُضار أي جمعية أو شركة أو مؤسسة عن غير قصد». من جهة أخرى، طلبت وزارة العدل من قطر عبر مذكرة رسمية إلقاء القبض على القيادي في «الجماعة الإسلامية» عاصم عبدالماجد وتسليمه إلى القاهرة لتقديمه لمحاكمة جنائية في شأن ارتكابه جرائم محل ملاحقة قضائية. ميدانياً، ساد هدوء الجامعات أمس وسط اشتباكات محدودة شهدها محيط المدينة الجامعية لطلاب جامعة الأزهر بين قوات الشرطة وطلاب «الإخوان»، إذ رشق الطلاب الشرطة أمام المدينة الجامعية بالألعاب النارية والحجارة، فردت قوات الأمن بقنابل الغاز ومنعت الطلاب من الخروج من حرم المدينة إلى الشارع. وطلب «تحالف دعم الشرعية» المؤيد لمرسي من أنصاره مواصلة التظاهر في الميادين كافة. وقال في بيان: «ساندوا غضبة الفقراء وادعموا الغضب في الجامعات والمصانع والسجون، وواصلوا أسبوع الغضب بكل قوة وسلمية، وتقدموا بحراككم الثوري في كل القري والنجوع والميادين، واحشدوا الشعب نحو المقاطعة الثورية للعبث الأكبر في 14 كانون الثاني (يناير) المقبل»، في إشارة إلى الاستفتاء على الدستور. وألقت قوات الشرطة القبض على أنس البلتاجي نجل القيادي في جماعة «الإخوان» محمد البلتاجي المسجون على ذمة اتهامات جنائية. والبلتاجي الابن طالب في كلية التربية النوعية في جامعة عين شمس، وقال بيان لوزارة الداخلية إنه «أوقف برفقة اثنين من زملائه في شقة في مدينة نصر وبحوزتهم سلاح خرطوش وذخيرته، وأجهزة خاصة بالتلفزيون المصري وأدوات بث مباشر وأموال».