"اختيار الرجل جزء من عقله" كما قال الأولون، صادقين، والعنوان لمختارات العقاد من الشعر العربي والغربي، وقد اختار له هذا الاسم لأن "الأساطير اتفقت على أن الشعر من وحي العرائس أو من وحي الشياطين، فاختار الأوروبيون أن يتلقوا وحيهم من عروس، واختار العرب أن يتلقوا وحيهم من شيطان"!، كما يقول العقاد في مقدمة مختاراته، ويضيف فلسفته الخاصة كعادته فيقول ".. ولا أراهم اختلفوا كثيراً في نهاية المطاف، وإن اختلفوا قليلاً في الخطوة الأولى، فنهاية العروس أن تعمل بشيطان، ونهاية الشيطان أن يعمل بعروس، وما أظنهما عَمِلا قط منفردين في فؤاد إنسان". ويستشهد بقول "أبو النجم العجلي": إنِّي و كلُّ شاعرٍ من البشرْ شيطانُهُ أنثى وشيطاني ذكرْ فما رآني شاعرٌ إلا استترْ فِعْلَ نجوم الليلِ عاينَّ القمرْ ويختار العقاد من الشعر الياباني: "مادمتُ أعلم أن الوقائع التي نشهدها ليست هي الحق اليقين.. فمن أين لي أنَّ أحلامَ المنام.. ليست سوى أحلام؟!ّ" ومن الشعر العربي لليمامي: غالبت كل شديدةٍ فغلبتُها والفقر غالبني فأصبح غالبي ومن اليوناني: "حظّي على أرجوحة من أراجيح القدر، أبداً يعلو ويهبط ويدور ويتحوّل، كأنه وجه القمر لا يُرى ليلتين على حال، يطلع هلالاً وينمو جميلاً ويستتم النماء، وفي ليلة إذ هو على أوفى تمامه، يدخل في المحاق!".