عملت الولايات المتحدة على استقطاب أفضل الأدمغة في العالم من خلال إنشاء ما يعرف بتأشيرة H1B وهي التأشيرة التي تمنح للعباقرة لدخول الولايات المتحدة والدراسة والعمل فيها تحت مظلة أحد مراكز التبني سواء الجامعات أو مراكز الأبحاث أو المستشفيات أو الشركات الكبرى ـــ خصوصا التي تعمل في مجال الحاسبات. يمارس كثير ممن قدموا على هذه التأشيرات اليوم مهاما أساسية في الاقتصاد الأمريكي ويسهمون في حماية القدرة على المنافسة والبقاء. هؤلاء هم أساس ما يعرف بوادي السيليكون الذي تفتخر الولايات المتحدة بأنها أول من أدخل مفهومه للعالم، ثم اكتشفت أغلب دول العالم أنه الوسيلة الأفضل لدخول سباق تقني والبقاء في الصف الأول. هذا المفهوم يوجد اليوم في أغلب دول العالم، الفرق هو في تطبيق المفاهيم الأهم في هذه المنظومة المعقدة، فليس مهما أن تبني أكبر المجمعات أو تستجلب أكبر الشركات، وإنما الأهم أن تستقطب العقول التي تدير هذه المكونات. الشركات الصناعية والتقنية هي عماد الاقتصاد الأمريكي ويقوم عليها قطاع الخدمات الذي ينمو متوازيا مع نمو منظومات الصناعة والبحث. فإذا اعتبرنا شركات التقنية من مكونات الصناعة، فسيتضاعف حجم الصناعة بما نشاهده اليوم من تطور واعتماد على التقنية ومكوناتها ومخرجاتها. يأتي في المقام الأهم اليوم موضوع البحث عن المرشحين ذوي الكفاءة العالية، واستقطابهم وتوفير البيئة المناسبة لهم ليبدعوا ويشيدوا ويديروا عمليات الشركات التي تسمح للدولة بالمنافسة والبقاء في عصر لم يعد يعترف بلون البشرة أو اللغة وإنما يبرز فيه من يستطيع أن يبدع، ويفكر بشكل مختلف عن الآخرين. اكتشاف أمريكا لهذه المواهب جعل منها القوة الاقتصادية الأولى وقد تحمى هذه الميزة لفترة غير قصيرة، لكن التنافس المحموم على هؤلاء يمكن أن يسمح للدول الأقل حظا بأن تنافس وتأخذ دورا طليعيا في مستقبل العالم، أمر أدركته دول مثل الهند والبرازيل والصين، فبدأت في محاولة التمسك بالنابغين من أبنائها، وتوفير فرص العمل والتطور لهم. يوجد أغلب أثرياء العالم اليوم في النصف الغربي من العالم، لكن الشرق بدأ يسحب البساط من تحت الاقتصادات الغربية بتنفيذ برامج الدعم والتشجيع الهائلة للنوابغ، ويمكن أن يكون لنا دور كذلك يسمح لنا بالبقاء الاقتصادي والمنافسة خصوصا أن لدينا كيانات مثل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.