×
محافظة جازان

أمطار على منطقة جازان

صورة الخبر

الفكر رغم عظمته وكرامته إلا أن حاله كإنسان وضعته في صحراء كبيرة ثم أطلقته وقلت له: أنت حرٌّ افعل ما تشاء من الطبيعي أن يشعر ذلك الإنسان بالحيرة والاضطراب وعدم الأمان فأي الطرق سيسلك؟؟؟ وما نهاية الطريق الذي سيسير وراءه؟؟!!! لكن لو وضعته في نفس مكانه، وقلت له: أنت حرٌّ افعل ما تشاء لكن انتبه وانظر لنهاية الحد الشمالي والجنوبي والشرقي والغربي!!.. سيشعر حينها بالأمان( أنت حر في تلك الحدود هي حدود عقلك!!.. إن خرجت منها تهت وضعت!!؟). من الذي وضع حدود ذلك الفكر؟؟؟ هو الله تعالى.. جعل حدود تفكرينا في هذه الحياة الدنيا.. وما بعدها من الغيبيات لا يعلمه إلا هو سبحانه.. يأتي الآن السؤال المحير لنا: كيف يمكننا تحقيق الحصانة الفكرية؟؟ تأتي أولاً من قضية الاستمداد للقوة الفكرية؟؟ ممن أستمدها؟؟ من خالقها سبحانه وتعالى بكثرة السجود والتذلل له والدعاء: يا مفهم سليمان فهمني ثم بعد ذلك أنظر للاستمداد الشرعي.. لماذا؟؟ حيث إن الخالق للفكر جعل المفهوم الأعظم للفكر وللحياة من كتابه وكلامه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ [الأنبياء الآية 107]، رحمة لفكرهم وحالهم من التيه والضلال والحيرة والضياع!! ثم يأتي بعد ذلك الرفق واللين كما يقول النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الرِّفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه))، فهو بوابة كل خير والفكر يأتي باللين لا العناد والشدة، ومعرفة خصائص المراحل العمرية وما يناسب كل مرحلة من أسلوب معين ونشر ثقافة الوسطية كما قال تعالى: (وكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) قال القرطبي رحمه الله: الوسط: العدل، وأصل هذا أن أحمد الأشياء أوسطها. ولما كان الوسط مجانباً للغلو والتقصير كان محموداً.. ثم توضيح الحكمة من الظلم والمعاناة في الحياة، وأنها لتكفير السيئات ورفعة للمؤمنين، وتميز الصادق من الكاذب قال تعالى: إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) [سورة آل عمران : 140 – 141]، ومعرفة طبيعية الحياة الدنيا، وأنها للكد والتعب، قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) [سورة البلد:4]. والاهتمام بعواطف الشباب وما يميلون إليه، والإصغاء لأفكارهم ومقترحاتهم. ومتابعة من يُحِب ويُعجب به الشاب، وتوجيهه للصواب.. والمحاورة المنطقية للشبان وتفهيمهم المغالطات المنطقية والخروج منها بسلاسة؛ كي لا يقعوا في الفخوخ الجدلية. وأهم ما يجب توضيحه للشباب منهج القرآن في دعوته إلى الموازنة بين الفكر والعمل، وأن الهدف من العلم العمل (هتف العلم بالعمل. فإن أجابه وإلا ارتحل)، وتوضيح أهمية أعمال الخير لإقامة المجتمعات الإنسانية، كما يقول أ. سليمان الخراشي: إن إقامة المجتمع على موازين المكسب والخسارة وحدهما كفيل بهدمه ما دامت العلاقات بين أفراده لا تقوم إلا على أساس المصلحة، والكسب المادي، فكم من علاقات أخرى تقوم على الإيثار والتضحية وحب الخير لذاته، وهي التي تكفل تحقيق السعادة للمجتمع؛ لأن التعاطف والتعاون هما الرائدان في حركة المجتمع الإنساني، وإلا تحول إلى غابة من الغابات التي يأكل فيها القوي الضعيف. وأخيراً: تقوم الحصانة الفكرية على منهجية الاستمداد الصحيح للفكر، ثم تقوم السلوكيات تبعاً له.. فلا بد من تأصيل قضية الأفكار وفحصها قبل أن تقع في القلب، ثم تترجم إلى سلوك حفظنا الله وإياكم، وألهمنا الصواب والسداد في القول والعمل.