×
محافظة المنطقة الشرقية

شرطة الرياض: انفجار سيارة مواطن أثناء توقفها أمام منزله

صورة الخبر

د. عبدالعظيم محمود حنفي غالباً ما تأتي الحقيقة بمنزلة الصدمة، فلا شك أن الرئيس البرازيلي (آنذاك) انياسو لولا دا سيلفا صدم الصحافة العالمية كلها - مع نذر الأزمة المالية العالمية التي اندلعت عام 2008- عندما قال إن الأزمة المالية هي صنع الرجل الأبيض الأزرق العينين. وقتها تتالت التحليلات ما بين مؤيد ومعارض. واحسب أن الجدال لا يزال مستمراً. إن النظام المالي الحديث هو وليد سلسلة ابتكارات وضعت في هولندا في القرن ال 17 والهولنديون هم أشبه ما يكون بتوصيف لولا. ثم استورد البريطانيون عبر القنال الانجليزي ما سموه ب المثالية الهولندية فاستوحوا من الأفكار الهولندية لبناء بورصة لندن والترويج للتجارة العالمية وإنشاء بنك بريطانيا المركزي مما سمح لهم ببناء إمبراطورية تجارية وقوة بحرية سيطرت على العالم حتى الحرب العالمية الثانية. وهكذا تحولت المالية الهولندية إلى الرأسمالية الانجلوسكسونية لكن من غير أن تغير ممارساتها. وعندما انهار النظام البريطاني عبر مركز القرار المالي العالمي البحار مرة أخرى وحلت نيويورك وواشنطن محل لندن وامستردام كمركزي قرار جديدين للسياسة والمالية العالميتين. لقد شهد تاريخ الرأسمالية العالمية الليبرالية الممتد على طول 300 عام ازدياداً هائلاً للمعرفة والهجرة البشرية لم يستفد الجميع من منافعه، وأسفر في نهاية المطاف عن كلفة بيئية واجتماعية عالية. لكن لا أحد يريد العودة وإعادة الوضع إلى ما كان عليه عام 1610. لا شك في أن هذا النظام يعاني عيوباً كثيرة مثل ميوله إلى الانهيار، إذ إنه عرضة منذ فقاعة زهرة التوليب التي حصلت عام 1637 إلى الازدهار تارة والانهيار طوراً آخر. فمن فقاعة بحر الجنوب التي حصلت عام 1720 إلى فقاعة الرهون العقارية عام 2008. يدفع النظام المالي الناس إلى اعتماد تصرفات غير رشيدة والسعي إلى الاغتناء السريع بفعل أسعار الأسهم وأزهار تيوليب لا تكف عن الارتفاع غير أن فترات الازدهار هذه تسفر لا محالة عن أزمات دورية لا تنفك عواقبها تتفاقم مع مرور الزمن وازدياد النظام المالي تعقيداً واتساعاً وترابطاً، فشهدنا مع أزمة عام 2008 خسارة الملايين من الناس وظائفهم وتدهور وضع الملايين من العائلات التى كانت على شفير الازدهار وباتت تقبع في الفقر من جديد ليس في أمريكا وأوروبا فحسب بل في الهند وإفريقيا والبرازيل. من الطبيعي ان يشكك الناس بمن فيهم الانجلوسكسونيون في أوقات كهذه بنجاعة النظام المالي. غير ان معظم دول العالم لا تحبذ الرأسمالية الانجلوسكسونية حتى عندما تكون ناجعة. فقد أدت الرأسمالية الليبرالية الى توافد كثيف للعمالة إلى هولندا وأمريكا في حين لا تبدو الصورة بهذا الإشراق في أماكن أخرى. أما في بلدان مثل فرنسا فقد جلب النظام الازدهار إلى البلد غير أن الفوضي وعدم المساواة يغضبان الفرنسيين منذ أن عانوا عام 1720 بسبب الإسكتلندي جون لوو فقاعتهم المالية الأولى التي تعرف باسم فقاعة المسيسيبي أما في أمريكا اللاتينية فتهاجم الرأسمالية الليبرالية منذ قرون من قبل اليمين الذي يعتبرها مؤامرة ضد الكنيسة الكاثوليكية ومن قبل اليسار الذي يعتبرها مناهضة للفقراء. ومن ثم فقد كان لولا محقاً عندما قال إن الأزمة المالية نبعت من نظام بناه، بعلاته الكثيرة الرجل الأبيض الأزرق العينين. كاتب وباحث أكاديمي مصري