×
محافظة المنطقة الشرقية

«آل كرعان» يتنازل عن قاتل إبنه في عسير

صورة الخبر

لرواية الإرهابي 20 قصة يعرفها المقربون جدا - وقليل ما هم - من هذا الجبلي المنقوع ببراعة في وحي الغمام، والمسدولة كلماته على كتفيه كهديل حمام، والمعبر عن رؤيته وحكايته بنزعة صقر جريح. عبدالله ثابت بصمة كتابية شيقة ونفس سردي وشعري فاتن ومفتتن، بحكم قربي منه سنا وتجربة عرفت الكثير من الوجع الذي مر به قبل أن يلقي عن روحه ثقل التجربة المريرة بسردها، وقد كان بارعا في اقتناص تلك اللحظات التي اشتغلت فيه فئة على طفولته ومراهقته وأدخلته حيزا ضيقا ليكون أداة في أيدي العابثين ببراءة الأجيال. في البدء هناك من تصدى لهذا الروائي الشاعر وهناك من حاصره بالأسئلة والمحاسبة إلا أنه آثر الصمت وجعل من كتبه وثائق تدون قبح مرحلة انتهكت خصوصية قروي أنيق وحملته ما لا يطيق وهنا عودة إلى الرواية وأبرز تجلياتها قبل وأثناء وبعد بحكم أنها من الكتب التي أثارت ولا زالت تثير الجدل في المشهد الثقافي العربي: - من أين جاء العنوان؟ ألم تخش دلالاته؟ • في الواقع أن العنوان يشبه الرواية ولا يشبهها، يشبهها من حيث الافتراض بأن الذين يسلكون طريق التطرف والعنف الديني فإنهم على جاهزية أن يكونوا الرقم المتمم لأية جريمة ترتكب تحت ذريعة الله والنبي، فالعشرون هو الرقم الغائب/الحاضر والممكن في 11 سبتمبر، وفي سائر العمليات المجرمة وقوائم المطلوبين سيكون هو الرقم المكمّل لها، إنه كل شخص عبر هذه السبيل، سواء أقام بفعل شيء أو لم يفعل. والعنوان لا يشبه الكتاب من حيث العلاقة المباشرة بأحداث سبتمبر، فهي ليست في صميم الرواية إلا في صفحتين أو ثلاث، من مجموع 254 صفحة. الرواية تتحدث باختصار عن الإعداد النفسي والذهني والبدني للشخص المتطرف، عبر تجربة مليئة بالتحولات، مكانها المجتمع السعودي، وبيئتها مدارس التعليم وأنشطتها اللا صفية. أما قصة التسمية فقد راودتني منذ البدء، وكنت كتبت هذا الاحتمال في مقدمتها، ثم أكدها عليّ الصديق، شاعرنا الكبير محمد زايد الألمعي، فأثبتها. بين السيرة والرواية - هل كنت بصدد كتابة رواية أم سيرة ذاتية؟ • لا هذه ولا تلك، لم أكن بصدد كتابة رواية، ولا في شأن كتابة سيرة، دونت تجربة ممزوجة بما مرّ بي في جزء من حياتي، مع ما مرّ بالآلاف من أبناء جيلي، وربما الجيل الذي قبله والأجيال التي بعده، فمن النادر أن تجد بيتا سلم من هذه اللوثة، لا سيما بعد 1979 ذلك العام التعيس. الكتابة كانت عفوية ومفتوحة. وإن كان لا بدّ من تصنيفها فلعلّي أنقل رأي الدكتور عبدالعزيز المقالح، الذي كتب لي على غلاف مسوّدتها – وأحتفظ بكلامه – أنها سيراوية، أي أنها تجمع بين السيرة والرواية. وبالمناسبة كنت عرضت العمل قبل طباعته على عدد قليل جدا من الأسماء، أحد الكبار في الساحة السعودية قال لي إن هذا العمل لا يعدو أن يكون استعراضا لغويا، أما العزيزان الدكتور تركي الحمد والشاعر محمد زايد الألمعي فقد شدا من أزري وشجعاني على نشرها، وكذلك فعل الدكتور عبدالعزيز المقالح من خارج السعودية، ولعل هذه فرصة أن أوجه لهؤلاء الثلاثة عظيم امتناني ومحبتي، وأملي أن هذا العمل وما حققه من نجاح منذ صدوره، كان عند ظنهم وكرم تقديرهم. أيضا أشكر الصديق نوفل صقر صالح، الذي كان يعمل بدار المدى السورية، والذي اقترح عليّ أن أختصر العمل، فقد كان قريبا من الـ (500) صفحة، وفعلت بنصيحته واستبعدت نصفه تقريبا. التعبير الجامح - كيف تغلبت على الذاتية لتكتب بموضوعية؟ • الأدب ليس محلا للموضوعية، إنه تعبير جامح وحار، وحريق على هيئة كلمات. فتش عن الموضوعية في الأبحاث والدراسات، وكل ما أستطيع قوله إن العمل كان عفويا وخاليا من الافتراء والكذب، وشواهده عشناها جميعا، ورأيناها ونراها منذ أربعة عقود وحتى اليوم. - ما مدى نجاحك أن تكون فعلا في الكتاب لا ردة فعل؟ • يجيب عن هذا القارئ والناقد، يسعني القول فقط إن هذا العمل كان سابقا في تسجيله لتجارب من هذا النوع، على الأقل في السعودية، وقد خرج في وقت لم يكن كثيرون يجرأون على تعرية التيارات الدينية والحزبية، وطموحاتها نحو الاستحواذ على المجتمع، وتربيتها يوما إثر يوم لعناصرها على العنف المسلح وأحلام السلطة «دولة الخلافة الإسلامية»، وكشف شيءٍ من عملها بالداخل السعودي، تحديدا في التعليم، وبعض ألاعيب التواطؤ السياسي معها، لم يكن كثيرون يجرأون على قول هذا قبل 10 أعوام، فضلا عن المواجهة وإصدار كتاب، وهذا ليس كلامي بأية حال، لكنه ما قيل في غير مقالة كانت قد كتبت عن هذه الرواية. السوء والمساءلة - ما أبرز الأصداء التي لم تتوقعها عند صدور الكتاب؟ • يا إلهي، كيف سأجيب على سؤال كهذا! إن ما حدث كله لم يكن في توقعي على الإطلاق، وربما لو خمنت نصفها كنت تهيّبت وترددت في نشره. كنت قد أصدرت قبل الإرهابي 20 مجموعتين شعريتين «ألهتك» و«النوبات»، وقلت بنفسي أنه لن يحظى إلا بمثل ما حظيتا به، بل وتوقعت السوء والمساءلة، لكن الذي حدث عكس ذلك تماما. لك أن تتخيل مفاجآتي بسيل المقالات التي تناولته محليا ودوليا، الحوارات والمجالس التي عقدت لمناقشته، الدراسات التي استعملته، رسائل الماجستير والدكتوراة التي تناولت أطرافا منه، الكتب التي ألفت بشأنه، أو استخدمت مواضع منه هنا وهناك، ثم ترجمته للفرنسية والنرويجية، وفي طريقه للإنجليزية، وغير ذلك، كل هذا كان وما يزال مفاجئا وغريبا، ويصعب عليّ الكلام عنه وعن تفاصيله، وقبل كل هذا فاجأني القبول الهائل الذي حظي به الكتاب من كثير من القراء، رسائلهم واتصالاتهم وقصصهم ومشاركتهم بما عاشوه من تجارب مشابهة، ويا كم أثرت بي! كثيرون بلا عدد،كانوا يقولون لي أنك لو وضعت اسمي مكان شخصية الرواية، لما تغير في أحداثها الكثير، سوى في التفاصيل. تلقيت كتابات في مواقع القراءة ثم الفيس وتويتر من أناس لا أعرفهم، كانت في غاية التأثير، وبعضها أبكاني والله، ولو كان يصلح إيراد بعض القصص لقلتها. لطالما شعرت صدقا بالخجل أمام هؤلاء الأشخاص، لطالما شعرت بالعجز إزاء هذه المحبة والمصافحات الروحية البالغة، وكم هي كلمات الشكر والتحية التي أجيب بها، عاجزة وبكماء! - أين تكمن قوة الإرهابي 20 في اللغة أم القصة أم تفاعل القراء؟ وهل أخذ الكتاب ما يستحقه في الساحة المحلية؟ • أيضا أترك إجابة السؤال عن قوة الكتاب لمن هذا شأنه، أشير فقط إلى أنه قد حظي باشتغالات نقدية عديدة، على سبيل المثال؛ الأستاذ حامد بن عقيل تناوله كاملا في كتابه «إله التدمير؛ دراسة نقدية في رواية الإرهابي20» عن دار طوى. أما هل أخذت الرواية ما تستحقه في الساحة المحلية، فلا أعرف، لكنها حازت الكثير مما لم أتوقعه، كما قلت لك. سيول الشتائم - هل غضب منك أحد بسببه؟ وهل تفكر في جزء ثان من الإرهابي 20؟ • حدث هذا نعم، لقد غضب كثيرون، لاسيما من يشعرون أن الكتاب موجه ضدهم، وكما يحدث على الدوام بداخل صراعاتنا في السعودية، فقد تلقيت كما غيري سيولا من الشتائم والتهديدات، وأساليب التحريض وتأليب السلطة ضدك.. الخ، لكنه لم يحدث أكثر من ذلك والحمد لله. ما يؤسف في هذا ليس أن تأتي مثل هذه الأمور من خصومك المباشرين، فهم واضحون ولغتهم معروفة، لكن أن تأتي من أشخاص تفترض فيهم أنهم يحملون ذات الهم، ويواجهون الوحش نفسه، فذا فعلا غريب ومحزن. أحدهم - وقد كان يشغل منصبا كبيرا في وزارة الثقافة - كتب في إحدى الصحف ما فحواه أن رواية الإرهابي عشرين من روايات نشر الغسيل، ولا شيء فيها سوى أنها تسيء لسمعة الدولة. وهذا مجرد مثال على ما يقوله بعضهم، هكذا علناً، والله أعلم بما هو خاف. أخيرا أود أن أقول للقارئ العزيز الذي سيمر من هنا أن يجد لي العذر في حديثي عن كتابي، فهذا ثقيل ومحرج والله، وكثيرا ما ابتعدت عن مثل هذه الحوارات، التي تدور حول ما هو شخصي وخاص، لكنها هذه المرة جاءت من صديق لا أستطيع رده.