×
محافظة مكة المكرمة

جدارية تخلد أسماء 138 من شهداء الواجب.. نفذتها 41 طالبة في شهر

صورة الخبر

يعيش كثير من الناس بين حالتين، أو جملتين من المشاعر، التي قد لا تبدو ظاهرة للعيان، لكنّها ربما استحكمت من الوجدان. وهؤلاء غالبًا عاشوا حالتين سابقتين، ثم انتقلوا إلى النقيض منهما، فتأثَّرت مشاعرهم، واهتزّت أفئدتهم، وتغيَّرت تصرّفاتهم. هؤلاء يصفهم الله عز وجل، وهو أعلم بمَن خلق في آيتين عظيمتين، فيقول: (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ)، ويعقب عليهما باستثناء فريد: (إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ). هما طريقان، أو خياران يتقلّب في تعاسة أولهما مَن وُهب ثُمَّ حُرم، ويتقلّب في جهل ثانيهما من حُرم ثُمَّ وُهب. يعيش كثير من الناس بين هاتين الحالتين، يتقلّب بينهما كأنّ لا وسط بينهما، ولا طريق ثالث، عدا أولئك الذين منحهم الله خصلتين عظيمتين هما الصبر والإيمان. وحتمًا فإن صاحب الحالة الأولى في حاجة ماسّة للصبر، وبه ينجو من كل المضاعفات المحتملة، والتي قد تصل حدّ الانتحار أحيانًا، فليس أشدّ على المرء من فقر بعد غنى، أو مرض مهلك بعد صحة وعافية. وهؤلاء نادرًا ما يتعرّضون للأضواء رغبةً في الستر، فيُكابدون في صمتٍ عدا الصابرين بيقين وإيمان، فأولئك ربما ابتسموا للدنيا، إذ علموا أن يسرًا مضاعفًا هو قرين العسر مهما بلغ! وأمّا صاحب الحالة الثانية، فلا يُردعه إلاّ إيمان بالغ، مقرون بصبر ينهاه عن اتباع نفسه هواها، أو خلق رفيع، وهمّة عالية، ونفس توّاقة، فقد كان في الجاهلية الأولى قلة نادرة تفعل ذلك، كما الأحنف بن قيس أو حاتم طي مثلاً. والقرآن الكريم منهج عمل، ودستور حياة، جاء ليُعالج كثيرًا من قضايا الناس، مُحذِّرًا ومُبشِّرًا. ولذا تزخر حياتنا المعاصرة بهذه النماذج البشرية المتقلِّبة بين نعمة زالت، وأخرى فاضت. والقرآن يأمر بالحذر من ردود الأفعال المبالغ فيها بين سخطٍ مذمومٍ، وغرورٍ هو كذلك مذمومٍ. والناس بطبعها تلاحظ، أو تتنبَّه لصاحب النعماء بعد الضراء: هل هو حقًّا من الشاكرين، وقليل ما هم، أو هو من الفرحين الفخورين المذمومين؟ نسأل الله السلامة في كل حال. salem_sahab@hotmail.com