تختلف تكاليف التشييد والبناء من دولة إلى أخرى، بل تختلف داخل حدود الدولة من مكان لآخر، وهي سريعة التغيّر لارتباطها بعوامل عالية التذبذب مثل أسعار الخامات وتحركات العملات والاضطرابات السياسية. وقد قامت مؤسسة الهندسة والتصميم العالمية Arcadis بمتابعة تكاليف البناء التقريبية في 44 مدينة رئيسة حول العالم في إطار تقريرها السنوي تكاليف البناء الدولية 2016. احتلت نيويورك المرتبة الأولى كأغلى المدن من حيث تكاليف البناء في العالم، تعقبها لندن، ثم هونج كونج، وترتفع التكاليف بهذه المدن ب 40 60% عن نظيرتها في الكثير من المدن الأوروبية. وما زالت الأسواق الثلاثة تحظى بفرص نمو واعدة بفضل قوة الطلب على العقارات الفاخرة والاستثمار في مشروعات البنية التحتية، وساهم ارتفاع العملات وكثافة الطلب على مواد البناء في ارتفاع التكاليف بهذه الوجهات. وذكر التقرير أن النمو المتواضع لمنطقة اليورو ساعد على تفاديها لتضخم تكاليف البناء، ويتوقع تباطؤ نشاط قطاع البناء بصفة عامة في آسيا في 2016 انعكاساً لتباطؤ نمو الاقتصاد الصيني وتراجع الطلب في الكثير من مدن المنطقة. وأشار التقرير إلى أن كافة أسواق البناء على مستوى العالم شهدت تراجعاً في إجمالي تكاليف البناء خلال عام 2015 بسبب انخفاض أسعار الطاقة وخامات البناء، فأسعار النفط والنيكل والحديد خسرت 30 50% والنحاس 25% والألومنيوم 20%، ومن المتوقع استمرار نفس الآثار خلال 2016، ويوضح الشكل التالي تحركات أسعار الخامات من عام 2009 وحتى 2018. تحركات العملات وأفاد التقرير بأن تحركات العملات هي أكبر العوامل المؤثرة في تكاليف البناء حالياً، فقد تراجعت أسعار العديد من العملات على مستوى أوروبا وآسيا مما أدى لانخفاض تكاليف البناء بتلك الدول مقارنة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على سبيل المثال تراجعت عملات أستراليا وماليزيا بأكثر من 25% وهبط الريال البرازيلي بأكثر من 50% مقابل الدولار. وقال التقرير إن هناك نصائح للمستثمرين وشركات البناء بالاستفادة من الفرص الواعدة التي ظهرت خلال الأشهر الأخيرة في بعض أسواق البناء منخفضة التكلفة على مستوى العالم. وأضاف إنه على الجانب الآخر جاءت العاصمة التايوانية تايبيه كأرخص الأسواق من حيث تكاليف البناء على القائمة. الشرق الأوسط وقال التقرير السنوي لمؤسسة الهندسة والتصميم العالمية إن دول مجلس التعاون الخليجي قامت بزيادة الإنفاق العام خلال السنوات الأخيرة لتنويع اقتصاداتها وتقليص الفجوة في الدخل. وأضاف إن التراجع الحاد في أسعار النفط وارتفاع العملات المرتبطة بالدولار قد يحد من نشاط قطاع البناء بالمنطقة على المدى الطويل، وتحتاج دول مثل قطر والكويت والإمارات لارتفاع النفط إلى 70 دولاراً لضبط موازناتها. ورأى التقرير أن حكومات المنطقة تعيد ترتيب توقيتات البرامج الاستثمارية لملاءمة أوضاعها المالية، وهي لا تعاني مشكلة خطيرة في هذا الصدد كون حجم الدين المحلي ضئيل جداً، كما أن دولاً مثل السعودية لديها أصول ضخمة يمكنها تسييلها لتمويل الاستثمارات طويلة المدى. ولفت التقرير إلى أن الدوحة جاءت في المركز الأول بالمنطقة وال 12 عالمياً من حيث تكاليف البناء، ومن المتوقع أن ينمو اقتصاد المدينة بضعف المعدل حتى عام 2019 بفضل مشروعات البنية التحتية الضخمة.ويعتبر قطاع البناء من أكبر مصادر العائدات غير النفطية للمدينة في عام 2014 حيث اتسع نشاط القطاع ب 11.4%. وقال إنه من المتوقع إنفاق الدوحة لنحو 150 مليار دولار على مشروعات البنية الأساسية مثل الطرق والسكك الحديدية والموانئ على مدى العشر سنوات المقبلة، وقد يؤدي ذلك لارتفاعات هائلة في أسعار مواد البناء لذلك يجب مراقبة حجم تدفق المعروض بدقة لتجنب المشكلة.(وكالات)