تختلف العادات والتقاليد في كل بلد بتنوع ثقافتها، وأوجد هذا الاختلاف عوامل متعددة، من بينها عوامل بيئية ومناخية. وتعد تلك العوامل من المكونات الأساسية التي تشكل وتصيغ ثقافات الشعوب وتحدد أنماط حياتهم وطرق ممارسة طقوسهم. ويصيبنا العجب وتسيطر علينا الدهشة عندما نسمع عن كثير من العادات والتقاليد لغرابتها بالنسبة إلينا، لكن بالطبع هي أشياء عادية بالنسبة لأصحابها. فتختلف الشعوب فيما تتناوله من طعام، كما تختلف عادات الزواج، وطقوس الموت، وكل ما يتعلق بأشكال الحياة المختلفة. وطال هذا الاختلاف طقوس استقبال المولود الجديد خلال تاريخ الشعوب وحضاراتها المختلفة، وفي الأسطر المقبلة نستعرض بعضاً من عادات الشعوب المختلفة عند استقبال مولود جديد.. }} تفضل السيدات الهولنديات الولادة في المنزل، ولا يستعن أغلبهن بطبيب ولادة، إذ يحولهن طبيب الأسرة إلى قابلة، ويتدخل فقط في الحالات الخطرة أو عند تعرض المرأة لمضاعفات. وتختار الحامل رغبتها في الولادة في المنزل أو في أحد المشافي، وبحسب الإحصاءات، فإن أغلبهن يفضلن الولادة في المنزل، ويتطلب ذلك الحصول على حزمة من الخدمات تعرف باسم kraampakket، وتشمل جميع المساعدات الطبية التي تتطلبها الولادة المنزلية. وإذا اختارت الأم الحامل الولادة في مستشفى، فلابد من متابعة القابلة لحملها عبر اتصالات هاتفية تطمئن من خلالها على سير الحمل، وتحدد الوقت المناسب للولادة. وإذا وضعت الأم مولودها من دون تعرضها لمضاعفات، تتوجه بوليدها إلى منزلها، ويبدأ تفعيل حزمة خدمات kraampakket الطبية، فتتوجه إحدى الممرضات إلى منزل الأم وتقضي 7 أيام تقدم خلالها الرعاية الطبية اللازمة وتنظف المكان، وتطهو الطعام، وتقدم الإرشادات الأساسية لرعاية الوليد. كما تتولى الممرضة استقبال الضيوف وإعداد وجبة سريعة من البسكويت احتفالاً بالمناسبة. }} سادت الولادة القيصرية في البرازيل، وبلغ معدلها 40%، بحسب الشبكة الدولية للوعي بالولادة القيصرية، ويزداد المعدل في المشافي الخاصة، كما أن نسبة السيدات اللاتي يلدن في المشافي الخاصة بلغت 100%، بحسب مارسيدين واجنر من منظمة الصحة العالمية والاختصاصي في وفيات الولادة. ويشير واجنر إلى أن نحو 25% من الحوامل من الطبقتين الوسطى والعليا يفضلن المشافي الخاصة. وتعامل المرأة الحامل معاملة الأميرات، فإذا اضطرت إحداهن للتوجه لشراء شيء ما، يأخذها دليل ويجعلها تأخذ مكانها في مقدمة طابور الزبائن. وبمجرد مغادرة الأم وطفلها المشفى، يتوجه الزوار لرؤيتهما ولتقديم الهدايا للوليد، ويتلقون الهدايا الرمزية أيضاً، مثل قارورة عطر صغيرة، أو علبة حلوى، مرفق معها رسالة من المولود يشكر فيها الزائرين. }} حمام الجدة في نيجيريا: بحسب أعراف البلاد، تحظى الجدة بتحميم الطفل الأول بعد ولادته، وتقوم به إحدى الجدتين، أو كلاهما، ترحيباً بالطفل. وينال هذا التقليد اهتماماً كبيراً لدى النيجيريين، ويتم في أجواء احتفالية كبيرة تعم المكان. }} تسعى أغلب نساء اليابان إلى الولادة من دون تناول مسكنات الألم، فيسود بين اليابانيين اعتقاداً بأن آلام الوضع بمثابة اختبار لا بد من تحمله تأهباً لأمومتها المقبلة، وعلى الرغم من ذلك، ينصح الأطباء الأمهات الحوامل بعملية تعرف بتخدير فوق الجافية لتجنب آلام الولادة، وتتقبل كثيرات منهن النصيحة إلا أن ذلك لم ينتقص من أهمية الاعتقاد بضرورة تحمل الآلام، فتلتزم به أغلب السيدات الحوامل. وتضع الحامل مولودها في المستشفى، ولا يُسمح بوجود الأب في الغرفة، إذ يسمح له بذلك فقط بعد أن يتلقى دروساً في طرق التربية والتعامل مع الأطفال تشاركه الأم فيها. وتطول فترة إقامة الأم بعد الولادة في المشفى، إذ تبقى 5 أيام على الأقل إذا كانت الولادة طبيعية، و10 إذا كانت قيصرية. ومن العادات السائدة أيضاً أنه بعد مغادرة الأم ووليدها المشفى، تتوجه إلى منزل جدها وجدتها لأمها حيث تقيم لمدة شهر أو أكثر. كما يجب أن تبقى الأم والطفل الوليد في السرير لواحد وعشرين يوماً، ويتوجه الأصدقاء لزيارتها خلال تلك الفترة للتهنئة وإلقاء التحية، ولتناول وجبة تعد خصيصاً للاحتفال بالمولود الجديد، تعرف باسم osekihan وتتكون من الأرز والفاصوليا حمراء. }} حساء الدجاج وجبة الأم في غواتيمالا: لا يُسمح مطلقاً للأم حديثة الولادة في غواتيمالا بالخروج من المنزل قبل 40 يوماً، لا تتناول خلالها سوى حساء الدجاج، اعتقاداً من سكان البلاد بأنها مصدر غذائي يمد المرأة بالقوة والصحة، ويوفر كميات كافية وصحية من الحليب لإرضاع الطفل. وتبعاً لتقاليد شعوب المايا القدماء يُلف معصم الطفل بشريط أحمر لحمايته من الأرواح الشريرة، ظناً بأن الأطفال تحمل أرواحاً بريئة ولا بد من حمايتها من كل الشرور. }} إندونيسيا.. حمل الطفل 3 أشهر: اعتاد سكان إندونيسيا اتباع تقاليد ومعتقدات معينة، خصوصاً سكان جزيرة بالي القديمة، إذ يرون أن أرواح الأطفال صافية وبريئة، ويمكنها أن تتعرض للخطر من قبل الأرواح الشريرة، فيحظرون ملامسة قدمي الطفل الأرض خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد ولادته، حماية له من أذى الشياطين التي تسكن العالم السفلي وتستحوذ عليه روحياً، بحسب معتقداتهم. وحين يبلغ الطفل 3 أشهر، تقيم عائلته طقساً احتفالياً يقوم خلاله أحد الكهنة بمباركة الطفل وتقديمه إلى العالم والمجتمع كإنسان مكتمل. }} غيرت تركيا من توجهاتها نحو ولادة الأطفال، فمنذ عقدين أو ثلاثة، كانت القابلات تشرفن على أغلب عمليات الولادة، خصوصاً في المناطق الريفية، حيث لا يوجد عدد كاف من الأطباء، واتجه الموجودون منهم إلى الحضر في أنقرة وإسطنبول، للتدريب. وبعد إنشاء العديد من كليات الطب، وزيادة أعداد الأطباء، تحولت بوصلة الاهتمام بعيداً عن القابلات واتجهت صوب طب النساء والتوليد. ونشأ اهتمام بين السيدات بالولادة القيصرية، فأشارت دراسة مسحية حديثة إلى أن 75% من عمليات الولادة تُجرى قيصرياً داخل المشافي الخاصة، وأرجعت الدراسة السبب إلى ميل عدد قليل من الأطباء إلى التخصص في التخدير الموضعي. وتعتاد المرأة التركية أن تبقى ووليدها في المنزل لعشرين يوماً بعد الولادة يستقبلون خلالها الأصدقاء لاحتساء مشروبات أعدت خصيصاً للمناسبة تعرف باسم lohusa serbeti. وبعد انقضاء ال 20 يوماً، تزور الأم وطفلها من زارهما. وتتلقى الأم أثناء هذه الزيارة منديلاً ورقياً به بيضة واحدة (ترمز إلى طفل صحيح)، وقطعة حلوى (ترمز إلى طفل دمث). ويفرك أصحاب المكان الدقيق في حاجبي الطفل، وعند خط شعره، لمنحه، بحسب معتقداتهم، حياة مديدة. اختيار الأسماء من قائمة كما هي الحال في هولندا، تراجع المرأة الحامل القابلة لتلقي الرعاية المناسبة. وتلقى القابلة قدراً كبيراً من الاحترام والتقدير، وطبقاً لقوانين البلاد، لابد من وجودها في كل ميلاد، أما اللجوء إلى الطبيب فهو اختياري. وتولي المرأة الألمانية عملية الميلاد اهتماماً يفوق كل اهتماماتها الأخرى، بما تكسبها من مميزات. فلا يمكن طبقاً للقانون طرد الموظفة من عملها إذا أخبرت رئيسها بأنها حامل، كما يتيح لها القانون إجازة لستة أسابيع قبل الولادة، وتمنع من العمل لثمانية أسابيع بعدها، مع تلقيها أجرها كاملاً. كما تستطيع الأم أخذ إجازة بلا أجر لثلاث سنوات. ومن العادات الغريبة أيضاً إعداد المكاتب الحكومية قائمة من الأسماء التي يجب على الوالدين الاختيار منها عند تسجيل الوليد، وفي حال رغبتهما في اختيار اسم من خارج القائمة، يجب عليهما تقديم طلب يبرر فيه سبب الرفض، لكي يحصلا على الموافقة بالاسم الجديد إذا اقتنعت السلطات بمبررات الرفض. ويهدف الإجراء إلى ضمان ألا يكون اسم الطفل محط سخرية في حياته مستقبلاً. 100 يوم من الاحتفالات في الصين اعتاد الصينيون الاحتفال بالمولود الجديد عندما يكمل شهره الأول، فيقام احتفال يسمى البدر بمناسبة مرور شهر كامل من حياة الطفل. وفي صباح ذلك اليوم، يجتمع الأقارب والأصدقاء لتقديم الهدايا له، كما يعد والدا الطفل الهدايا للضيوف. وتختلف أنواع الهدايا من مكان إلى آخر، إلا أن البيض المصبوغ باللون الأحمر عادة ما يكون الهدية الأكثر شعبية، ربما لأنه يرمز في الثقافة الصينية إلى عملية التغيير في الحياة، فيرمز شكل البيضة الدائري إلى الحياة المتناسقة السعيدة، كما يرمز اللون الأحمر إلى السعادة. وخلال الاحتفال، يهدي الأجداد الذهب لحفيدهم، أو قطعاً فضية لإظهار حبهم العميق لهم. ويتلقى المواليد الجدد ووالديهم هذه الأيام هدايا عصرية مثل، ملابس ولعب الأطفال، أو كتب، أو قسائم مشتروات، إلا أن أكثر الهدايا شيوعاً المال ملفوفاً في قطعة ورق حمراء. وفي أماكن أخرى يقيم الأهل نحو 5 احتفالات خلال ال 100 يوم الأولى من حياة الطفل. يبدأ الاحتفال الأول في اليوم الثالث من الولادة، إذ تجتمع النسوة في منزل الأم، وتقوم القابلة بتحميم الوليد في ماء مغلي مخلوط ببعض الأعشاب، في حوض ملفوف بالحرير الأحمر وسلسلة من الليرات، وتسكب كل امرأة ملعقة من الماء البارد في حوض الاستحمام، وتهدي الطفل بيضاً ملوناً، أو قطعاً من الفاكهة فيه، أو قطعة فضية. وفي هذه الأثناء تبقى الأم في سريرها محاطة بسلة من القش وبصلة وقفل ومشط وميزان، ويحرق البخور في مكان قريب منها. وبعد شهر يقام احتفال بمناسبة خروج الأم من غرفتها، ويحضر الأصدقاء والأقارب وليمة. وفي نهاية ال 100 يوم الأولى، يجتمع أفراد الأسرة ومعهم الدجاج والسمك في منزل والدي الطفل، حيث تقام وليمة أخرى، ويفرك الضيوف لسان الطفل ليصبح متكلماً جيداً. ويهديه الجد كرسياً هزازاً، كما يقدم الأبوان لطفليهما أشياء يمكنه الاستفادة منها مثل أثاث لغرفته. وفي عيد ميلاد الطفل الأول، يقدم الأبوان لطفليهما خاتماً ذهبياً لكي تحميه في الأوقات المؤلمة، بحسب معتقداتهم. كما يقدم له قطعة خبز طويلة لأنها تساعده على المشي. وعندما يبدأ الطفل أولى خطواته، يسير الجميع خلفه، وفي يد أحدهم سكين يشق بها الأرض 3 مرات لقطع روابط روح الطفل بالحياة السابقة التي كان يعيشها قبل أن يأتي إلى الدنيا، بحسب ما يعتقدون.