عماد عبد الهادي-الخرطوم بينما تتجه قوى سياسية سودانية لطرح مقترح ينادي بتغيير اسم السودان ليتوافق مع هويته الحقيقية حسب رأيها، تحركت أخرى لتحديد تلك الهوية عربية كانت أم أفريقية أم مزيجا بين الاثنين، بعد أن أصبح موضوع الهويةمطروحا في مؤتمر الحوار الوطني المنعقد حاليا في الخرطوم. وينتمي سكان السودان الحاليون، حسب خبراء، إلى سلالات عاشت على تراب هذه الأرض منذ أكثر من5000 سنة، تحت مسميات مختلفة مثل الكوشيين والإثيوبيين والنوبيين والبجا وبلاد السودان. كما أن السودان يضم أكثر من 420 قبيلة أو إثنية تتحدث أكثر من خمسمئة لغة محلية ظلت متعايشة متجاورة لمئات السنين، قبل أن تتدخل عوامل أفسدت كثيرا من ذلك التعايش. لكن موضوع هوية البلاد أصبح بندا في مؤتمر الحوار الوطني المنعقد في الخرطوم حاليا وبعد ستين عاما من الاستقلال، في ظل اتهامات للنخب وحكومات ما بعد الاستعمار بالفشل في إدارة هذا التنوع القبلي والإثني، والإضرار بالنسيج الاجتماعي. تنوع ثقافي وتناقش لجنة مختصة قضايا الهوية وكيفية تحقيق التعايش السلمي واحترام التنوع الثقافي والإثني في البلاد، قبل أن ترفع توصياتها للمؤتمر العام للحوار في المرحلة المقبلة. مشهد لرقصة من قبيلة النوبة في منطقة جنوب كردفان (الجزيرة نت) وفيما لم تتبلور رؤية محددة حتى الآن، بدا أن فشل الدولة في إدارة تنوعها منذ الاستقلال وحتى الآن يشكل الهاجس الأكبر لكل السودانيين الذين يبحثون في كيفية الخروج من هذه الدوامة، وفق قولهم. وفي هذا السياق، أشار عضو لجنة الهوية مضوي إبراهيم إلى فشل الحكومات السودانية السابقة في إدارة التنوع الثقافي والإثني بالبلاد، مؤكدا أنها لم تتعامل إيجابيا مع الواقع المتباين. وقال إبراهيم إن المجتمع السوداني ورغم تعدده وتباينه ظل يتعايش بسلام على مدى التاريخ، حتى قبل بروز دولة السودان الحديث بعد الاستقلال، إلا أن تداخلات السياسة وصراعاتها أضرت بذلك التعايش وفاقمت أزمات البلاد. نخب سياسية وأضاف أن إدارة التنوع الثقافي والإثني برشد كانت ستدفع البلاد في طريق الاستقرار، لكن عقليات تلك النخب السياسية قفزت عن واقع السودان ثم عادت لتضر بالنسيج الوطني عموما. وعن أهم ملامح تلك الوثيقة، قال إبراهيم للجزيرة نت إن أبرز ملامحها التأكيد على التباين العرقي والتعايش السلمي، وأن السودان ملك لجميع من يعيش فيه، وأن المساواة التامة بين الناس والأعراق هي أساس ذلك التعايش. من جهته، أكد رئيس جبهة الشرق "القيادة المكلفة" سليمان أونور أن لقضية الهوية تأثيرا مهما على استقرار السودان، لكنه رأى أنها ليست السبب في الأزمة التي يعيشها الآن. استعراض من قبائل الفور غربي السودان (الجزيرة نت-أرشيف) وأكد أونور أن الأزمة السودانية هي أزمة سياسية واقتصادية في المقام الأول ثم ثقافية في المقام الثاني، مشيرا إلى أنه ربما كان للأزمة السياسية والاقتصادية انعكاسها على قضية الهوية، لذلك فإن الاتفاق عليها سيساعد على رتق النسيج الاجتماعي وإزالة الحروب التي تمت وتتم على أساس عرقي وقبلي. معيار هوية وكشف للجزيرة نت أن أعضاء لجنة الحوار حول الهوية توافقوا على أن تكون "السودانية" هي معيار هوية الناس وليس أي عنصر آخر قبليا كان أم دينيا أم إثنيا، مع إنشاء مفوضية للتنوع الثقافي لتصبح رمزا لاحترام التنوع، كما اقترحت اللجنة قوانين وآليات لحماية الحقوق والواجبات فيما يختص بالهوية. وأضاف أنه تم التوافق على اسم السودان في نهاية الأمر، بعد الاستماع لوجهة نظر من لديه رأي في تسمية السودان تاريخيا، لافتا إلى الاتفاق -أيضا- على عدم تقسيم الناس على أساس لون البشرة، وهذه بطبيعتها قضايا لا يمكن الاختلاف عليها. وأكد وزير الثقافة السوداني السابق السموأل خلف الله على الحاجة إلى حسم قضية الهوية من أجل المضي قدما، منبها -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن خبراء سودانيين في مجالات مختلفة ذات صلة مثل اللغويات ساعدوا كثيرا في التوصل إلى هذا الهدف عبر بحوث موثقة واجتهادات كبيرة.