جاءت عملية بيت إيل شرقرام اللهفي الضفة الغربيةأمس مختلفة عن باقي العمليات بالهبة الفلسطينية المستمرة منذ أربعة أشهر، سواء من حيث المنفذ وصفته أو المكان. فقد نفذ عملية بيت إيل عنصر على رأس عمله في جهاز الشرطة الفلسطينية وهو الشاب أمجد السكري (34 عاما) من قرية جماعين قضاء مدينة نابلس، واختار حاجز بيت إيل (نسبة لمستوطنة بيت إيل القريبة) القريب من مقر قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، والقريب أيضا من المقاطعة حيث يوجد مقر القيادة الفلسطينية في رام الله. إضافة لما سبق فإن الحاجز، وهو المنفذ الوحيد لمدنية رام الله من الجهة الشرقية، يعتبر ممرا لحملة بطاقة الشخصيات المهمة وكبار موظفي السلطة الفلسطينية ومنتسبي المنظمات الدولية بموافقة إسرائيلية مسبقة. كما نفذت العملية بسيارة تحمل لوحة تسجيل رسمية، مما أدى إلى إصابة ثلاثة جنود إسرائيليين واستشهاد المنفذ. الشهيد السكري ألمح لعمليته في صفحته على فيسبوك قبيل استشهاده(ناشطون) العنصر الأهم يرى مدير البحوث في المركز الفلسطيني للبحوث والسياسات الإستراتيجية خليل شاهين أن العنصر الأهم في عملية بيت إيل هو هوية الشخص واستخدامه السلاح الرسمي وإعطاؤه نموذجا لفلسطينيين آخرين بأن الحصول على السلاح يُمكّن من إيقاع خسائر في صفوف الجنود أكثر من السكاكين. ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن العملية تعبّر عن حالة الغضب والاحتقان التي تشمل مختلف الفئات الفلسطينية، بما في ذلك منتسبو المؤسسة الأمنية الذين يشاهدون يوميا جرائم الاحتلال والإعدامات الميدانية، في وقت يسود فيه الاعتقاد بأنهم لا يقومون بدورهم في حماية الشعب الفلسطيني، وأن إسرائيل تمكنت في السنوات الماضية من تحييدهم، وتحويل السلطة إلى وكيل أمني للاحتلال. ولّدت هذه الأجواء، حسب شاهين، حالة من الشعور بالتقصير بين منتسبي الأجهزة الأمنية، وبالتالي "لا يمكن توقع إمكانية السيطرة بالكامل على هذه الأجهزة"، مشيرا إلى وقوع عمليات سابقة من قبل عناصر أمنية واعتقال آخرين خططوا لعمليات. وشهد حاجز بيت إيل مواجهات عنيفة مع الاحتلال في الأسابيع الأولى للهبة الحالية، لكن الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالزي المدني والعسكري بدأت قبل أكثر من شهر في صد المسيرات المتجهة إليه. ولم تعلق السلطة الفلسطينية رسيما على عملية أمس، كما لم تتمكن الجزيرة نت من الحصول على موقف الأجهزة الأمنية لانشغال الناطق باسمها عدنان الضميري بسلسلة اجتماعات ساعة الاتصال به. لكن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون قال في تصريحات صحفية إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تنأى بنفسها عن العملية وتواصل التعاون مع الأجهزة الإسرائيلية في إحباط العمليات. وكان رئيس جهاز المخابرات الفلسطيني ماجد فرج صرح لصحيفة ديفنس نيوز الأميركيةقبل نحو أسبوعينبأن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تمنع العمليات ضد إسرائيل وأحبطت أكثر من مئتي عملية، في حين أفادت صحيفة معاريف الإسرائيلية أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي بأن محكمة فلسطينية قضت بالسجن 10 أعوام على الشرطي محمد ماهر حامد من بلدة سلواد شمال رام الله بعد إطلاقه النار على جنود الاحتلال. وهنا يستبعد اللواء المتقاعد والخبير الأمني واصف عريقات أي تغير جذري على الأجهزة الأمنية ونهجها، معتبرا أن أي تصعيد إسرائيلي تجاه الكل الفلسطيني يفتح المجال لكل الاحتمالات. وذكر في حديثه للجزيرة نت أن الأجهزة الأمنية تتصرف في هذه المرحلة حسب الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، مستبعدا أي تغيير في نهجها أو إعادة مراجعة وتنقيةلعناصرها أو تغيير دورها باتجاه مواجهة الشارع الفلسطيني ومنع المواجهات مع الاحتلال. واستشهد بتصريحات للرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد فيها حق الشعب الفلسطيني في المقاومة السلمية لردع الاحتلال كأداة تكفلها القوانين والشرائع الدولية. شاهين: العملية يمكن أن تتحول إلى نموذج في وعي الشعب الفلسطيني(الجزيرة) العملية النموذج يلفت شاهين إلى إمكانية تحول العملية إلى "نموذج" ومنفذوها إلى "أبطال" في وعي الشعب الفلسطيني، مرجحا اتساع الظاهرة وتزايد من يشعرون بأن عليهم القيام بواجبهم من عناصر الأجهزة الأمنية وفق ما لديهم من إمكانيات وخاصة السلاح، ومشيراإلى مظاهر الافتخار بالعملية في أوساط منتسبي الأجهزة الأمنية في مواقعالتواصل الاجتماعي. ولتجنب هذا السيناريو وعدم إعطاء فرصة لاتساع الظاهرة، يستبعد المحلل الفلسطيني لجوء إسرائيل إلى عقوبات جماعية شديدة أو طويلة، رغم الإجراءات التي اتخذت منذ أمس وإغلاق مدينة رام الله، واحتمال مراجعة قائمة حملة التصاريح وبطاقات المرور الخاصة عبر هذا الحاجز. وسياسيا، لم يستبعد شاهين استخدام عملية رام الله لممارسة مزيد من القيود والضغط على السلطة الفلسطينية ودفعها للقيام بدور في قمع الانتفاضة الحالية، مستشهدا بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي انتقد فيها عدم إدانة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للعملية. وعملياتيا، لفت شاهين إلى أن حاجز بيت إيل معروف بإمكانية اقتراب المنفذ فيه مسافة صفر من الجنود حيث تعتقد سلطات الاحتلال أن مستخدميه يحملون بطاقات وتصاريح خاصة وسيارات السلطة الفلسطينية.