واشنطن: ديفيد كار قال نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن في 5 ديسمبر (كانون الأول) خلال زيارته للصين في خطاب أمام رجال الأعمال الأميركيين، الذين يعملون ويعيشون بالصين عن حرية الصحافة في المجتمع الديمقراطي: «يزدهر الابتكار حيث يتنفس الناس بحرية ويتحدثون بحرية ويستطيعون تحدي المفاهيم التقليدية وحيث تستطيع الصحف الكتابة عن الحقيقة دون خوف من العواقب». كان يتحدث على خلفية السياسات الصينية المتشددة حول تقارير مؤسسات الأخبار الأجنبية. ورفضت الحكومة الصينية حتى تاريخه تجديد تأشيرات نحو 24 مراسلا من صحيفة «نيويورك تايمز» و«بلمبيرغ نيوز» بسبب تغطيتهما، مما أثار احتمال طلب إرغامهم على مغادرة الصين بنهاية السنة. كانت تلك المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول أميركي رفيع علانية عن محنة الصحافيين المهنية الذين يحاولون إجراء تقارير كاملة عن الصين. بينما كان من المشجع تصدر البيت الأبيض لواجهة الجهود المبذولة لضمان الصحافة غير المقيدة، فقد يأخذ المسؤولون الحكوميون البريطانيون كلمات بايدن في الاعتبار، لا سيما وبريطانيا بلد يفترض أنه متقدم ديمقراطيا وحليف للولايات المتحدة. قبل يومين من تعليق بايدن أجبر الآن روزبريدغر رئيس تحرير مجلة الـ«غارديان» على المثول أمام لجنة برلمانية لاستجوابه حول تغطية الصحيفة لمادة وطنية أمنية سربها إدوارد سنودن خبير المعلومات الأميركي الذي سرب ملايين من الوثائق السرية. وبدلا عن سؤاله كيف استطاعت سيدة في الثلاثين من عمرها في هاواي ليست موظفة من قبل الحكومة البريطانية مباشرة الاطلاع على أسرار حيوية، حاولت اللجنة تخويفه وأثارت مسألة ما إذا كانت الـ«غارديان» باشتراكها مع مطبوعات أخرى في المعلومات المسربة بواسطة سنودن، قد اشتركت في عمل إجرامي. ويبدو أن اللجنة البرلمانية مهتمة بالولاء أكثر من اهتمامها بالمساءلة. ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه لا يوجد بديل في القانون البريطاني لـ«التعديل الأول» الخاص بالحريات في الدستور الأميركي. وقاطع النائب كيث الذي فاز عن حزب العمال سائلا: «أنا أحب هذا البلد فهل تحبه أنت؟» وصمت روزبريدغر لبرهة بدت وكأنها للتأمل أكثر منها حيرة أن هويته كمواطن أصبحت مثار اهتمام رئيس. ثم رد قائلا: «أعجب لتوجيه هذا السؤال لي ولكن نعم نحن وطنيون وأحد الأشياء التي نحن وطنيون بشأنها هي طبيعة الديمقراطية، طبيعة حرية الصحافة وحقيقة أن باستطاعة المرء في بلده أن يناقش ويعد التقارير عن هذه الأشياء.. أحد ما أحبه عن هذا البلد هو أن لدينا الحرية لنكتب ونعد التقارير ونفكر ولدينا بعض الخصوصية». وأشار روزبريدغر في شهادته أن الصحف في الولايات المتحدة بما فيها الـ«واشنطن بوست» والـ«تايمز» قد توصلت إلى القناعة ذاتها حول المعلومات المسربة، وأن ما كشف ذو أهمية عالمية كبيرة. ولأن الـ«غارديان» شاركت بعض المعلومات المسربة مع الـ«تايمز» فقد تساءل مارك ريكليس أحد أعضاء اللجنة ما إذا كان يجب مقاضاة الـ«غارديان». ورد روزبريدغر: «أعتقد أن ذلك يعتمد على نظرتك للصحافة الحرة». وقد وضح روزبريدغر فكرته بجلاء «المسألة تثبت ذاتها، إن كان رئيس الولايات المتحدة يطلب مراجعة كل شيء يتعلق بالاستخبارات وجاءت المعلومات عن طريق الصحف ألا يعني هذا أن الصحف فعلت ما عجزت عنه المراقبة والتحكم». الآن يعلم الجميع أن الـ«غارديان» والـ«واشنطن بوست» نشرتا مقالات في يونيو (حزيران) الماضي أثارت جدلا عالميا حول مراقبة الحكومة لاتصالات المواطنين الخاصة. وقضى بيرتون غيلمان الذي ساعد على كتابة المقال ونشر كثيرا من الأخبار حول تسريبات سنودن أشهرا عصيبة لكنه لاحظ أن روزبريدغر واجه ما يشبه المحاكمة على ارتكابه الصحافة. على الرغم من جميع الشكاوى حول عدوانية الإدارة الأميركية وتوجيه الاتهام بسبب التسريب فلا تزال الولايات المتحدة مكانا أفضل لكشف الحقائق غير المريحة. ففي نهاية الأمر لم يطرق أحد الباب ليطلب مستندات أو تحطيم أقراص صلبة كما حدث مع الـ«غارديان». * «نيويورك تايمز»