وصلت فاعليات الدورة الثالثة لـ «مهرجان السينما المستقلة» في السودان إلى ختامها اليوم (الأربعاء)، متوجة اليوم الأخير بإعلان الفيلم الفائز بجائزة «الفيل الأسود» التي قُدمت للمرة الأولى هذا العام. وافتتح المهرجان الذي استضافته جزيرة توتي وسط العاصمة الخرطوم، في 21 كانون الثاني (يناير)، تزامناً مع ذكرى وفاة المخرج الشهير حسين شريف، أحد أهم رواد الحركة السينمائية السودانية، العام 2005. وتنافست ستة أفلام سودانية على نيل الجائزة، وهي «الغربة» لسلوى الخليفة وفهد العبيدلي، «الهروب» لمحمد سعيد، «زيو» لسيف الربيع، «نعم للمخضرات» لخالد سليم، «مدني» لوليد علاء وأخيراً «تسامي» لطارق سليمان. وفي كلمة خلال الحفلة الافتتاحية، أوضح الكاتب والسينمائي طلال عفيفي ان «مهرجان السودان للسينما المستقلة اختار هذا العام التركيز على المقاومة الثقافية، هذا الفعل الخلاق الفاعل الرامي إلى التمسك بالحياة أمام المهددات المختلفة، أمام الموت والدمار، أمام الأمراض والمهددات البيئية، أمام الإنهيار المدني وسيادة العنف». وأشار إلى أن مبادرة «سودان فيلم فاكتوري» غير الربحية قدمت جائزة «الفيل الأسود» لأفضل فيلم سوداني ضمن المهرجان، على شرف الفنان الكبير الراحل حسين شريف. وقال عفيفي ان «الحلم بأن تستعيد السينما السودانية عافيتها جزء من حلمنا باستعادة الحياة، وحبنا للسينما جزء من حبنا لهذا البلد، وسيظل اعتقادنا في أهلية الناس واستحقاقهم لحياة لائقة أمر يختلط بعملنا اليومي». وذكر الموقع الرسمي للمهرجان أنه تم عرض أكثر من 90 فيلماً من 35 دولة حول العالم، وسط حضور عربي كبير، إلى جانب تنظيم ورش العمل ومحاضرات عن فن السينما وصناعة الأفلام. وتشترك الأفلام المعروضة في نيلها نسب مشاهدة عالية وتقديراً نقدياً رفيعاً في الأماكن المتفرقة التي عرضت فيها حول العالم، ومن أهمها الفيلم الأردني «ذيب» المرشح لجائزة «الأوسكار» الأميركية ضمن فئة أفضل فيلم أجنبي، والفيلم القصير «موج 98» الذي فاز بجائزة «السعفة الذهبية» للعام 2015، من إخراج اللبناني إيلي داغر. ولا يكتمل الاحتفاء بسينما المقاومة الثقافية من دون عرض بعض الأعمال الفلسطينية التي تجسد قدرة البشر على التحمل وعدم الاستسلام، وأبرزها فيلم المخرج باسل خليل «السلام عليك يا مريم»، المصنف ضمن القائمة المختصرة لأفضل فيلم قصير في «الأوسكار» هذا العام. وتحدث عفيفي عن سبب اختيار المقاومة الثقافية موضوعاً محورياً لهذه الدورة، موضحاً «أننا حين نحتفي بالمقاومة الثقافية، فنحن نحتفي بالشعوب المغلوبة والمحتلة، بقدرة المساكين والمعذبين على الأمل، بقدرة المرضى على الصمود، بأبحاث العلماء، بغناء المغنيين وشعر الشعراء. نحتفي بثقافات الشعوب بتجلياتها المختلفة، وقدرة هذه الثقافات في لعب دور متعاظم في تحسين الحياة على ظهر هذا الكون». وطالب المخرج السوداني بأن يُخصص «دعم واضح من موزانة الدولة للعمل السينمائي، وأن يكون هناك مخطط عملي من وزارة التعليم العالي لتفعيل الدراسات السينمائية وإنشاء معهد عالي للسينما»، مشدداً على ضرورة بناء «سياسة وإقتصاد ثقافيين يدعمان التحول من الكبوة الى النهضة، ويسهمان في رتق النسيج الاجتماعي وتضميد الجروح».