التكفير وترويج الكراهية والطائفية عناوين تجارة رائجة في العالم العربي اليوم، تجارة خلفتها خمس سنوات من حرائق ربيع العربان، الذي كشف أن الديمقراطية بيد غوغاء العرب مثل السلاح بيد المجنون، فهم سيسخرونها لا محالة لأكل بعضهم بعضا، وتصعيد القوى المتطرفة لكراسي القيادة ومن ثم العيش في ثياب الماضي السحيق بشعارات دينية زائفة يروجها تجار الكلام بهدف السيطرة على مقدرات الدول ولسان حالهم يقول: لتذهب هذه الشعوب الغارقة في الجهل والخرافة والكراهية للجحيم. انتكاسة مشروع «ربيع العربان» حالة طبيعية لاستفاقة بعضهم من غيبوبة الشعارات، هناك من استفاق بعد سنة وهناك من استفاق بعد سنتين وهناك من لم يستفق بعد وأسقط مجتمعه في حرب أهلية نثرت العربان في أوروبا كلاجئين باحثين عن حياة جديدة بعد أن أحرقوا حياتهم وأوطانهم بأيديهم في سبيل خدمة شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع. حتى وقت قريب كان المؤرخون الكلاسيكيون في العالم العربي يقسمون العرب الذين مازالوا يستهلكون الأكسجين في هذا الكوكب إلى قسمين «عرب عاربة، وعرب مستعربة»، أما بعد ربيع العربان فأصبح لدينا قسم ثالث هو «العرب اللاجئة» أو «العرب الهاربة»، كلاهما سيان، فهم هربوا من جحيم كراهية وتطرف صنعوه بأيديهم، وهم أيضا لجأوا إلى الأمم التي كانوا يسمونها بأمم الكفر للسلامة بأرواحهم، لكن هل انتهت حرائق العالم العربي عند هذا الحد من الدول المنهارة والمفككة أم أن هناك دولا ستلحق بها في ظل بقاء بعوض التطرف والشعارات في المستنقع لتوزيع المرض من جديد؟ الوقائع والأحداث تكشف أن هناك قوى تدفع باتجاه إسقاط الدول التي لم تسقط بعد في ذات المصير الذي سقطت فيه العراق وسورية وليبيا، وهذه القوى تعتمد بشكل أساسي على مسارين أولهما دفع قوى التطرف لتكريس خطاب الطائفية والكراهية في المجتمع الواحد عبر كافة الوسائل المتاحة، والثاني دفع العوام للانخراط في معارك أحقاد طبقية وعرقية بشعارات زائفة الهدف منها خلخلة الترابط الاجتماعي وضرب اللحمة الوطنية. نحن أمام خطر حقيقي في دول الخليج العربي، وإن لم نتحرك فورا لتجفيف مستنقعات تجار الكراهية والطائفية ومروجي الأحقاد الاجتماعية فسندفع الثمن غاليا، لدينا دعاة على أبواب جهنم منخرطون بجهل مدقع في مشروع الأعداء ويكفرون أكثر من نصف المجتمع ويحاولون جر النصف الآخر عاطفيا للانخراط في قضايا الطائفية في الدول الأخرى، هؤلاء علينا أن نلقي بهم في المصحات العقلية أو السجون دون تردد فالوطن أهم من هرطقاتهم، لدينا أيضا أصوات مازالت تدافع بشراسة عن مشروع «ربيع العربان» وتحاول ضرب الأمن الوطني بالشعارات، إما لانتمائها روحيا وفكريا لتنظيمات الإسلام السياسي التي هي الرابح الوحيد من هذا المشروع، أو لأنها مسكونة بالأحقاد تجاه الوطن ورموزه، وهؤلاء علاجهم بسيط هو «تطبيق القانون» بحقهم فقط.