استهل الكيان الصهيوني العام الحالي بالإعلان عن خطط لإغراق القدس والضفة الغربية المحتلتين بعشرات آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، ضارباً عرض الحائط بكل القوانين والمواثيق الدولية، ومعها المواقف والعقوبات الأوروبية الآخذة في التبلور بشأن الاستيطان وتفرعاته باعتباره غير شرعي من أساسه، وسبباً جوهرياً في منع أي تقدم لتسوية الصراع في المنطقة. فقد كشفت منظمة السلام الآن أن سلطات الاحتلال تسعى إلى إعادة إطلاق وتوسيع خطط لبناء أكثر من 55 ألف وحدة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، مشيرة إلى أنه سيتم بناء نصفها في إطار توسعة المستوطنات الصغيرة في الضفة، لتحويلها إلى تجمعات استيطانية كبيرة، إضافة إلى بناء مستوطنتين جديدتين، هما جفعات ايتام جنوب مدينة بيت لحم وترونوت بروش شمالي وادي الأردن، وأكثر من 12 ألف وحدة استيطانية في مدينة القدس وبلدتها القديمة. وقبل عدة أيام أعلنت المنظمة نفسها أن وزارة حرب الاحتلال، وافقت على خطط لبناء 153 وحدة جديدة في مستوطنات الضفة. وأوضحت أن هذه الخطط تتعلق ببناء وحدات سكنية قرب مستوطنة أرييل شمال سلفيت وتجمع غوش عتصيون الاستيطاني قرب بيت لحم. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فخلال الأسبوع الماضي، أعلن رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، في مستهل جلسة حكومته، استمرار دعم حكومته للاستيطان في الضفة، وتعهد بإعادة المستوطنين إلى منزلين في الخليل سبق وأن احتلوهما بدعوى شرائهما وقام جيش الاحتلال بإجلائهم خوفاً من ردة الفعل الفلسطينية، وذلك حتى يتم الحصول على التصاريح اللازمة من وجهة نظره. وترافق كل ذلك مع حملة صهيونية شرسة في الساحة الدولية وصلت إلى حد اتهام الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون بدعم الإرهاب لمجرد انتقاده للاستيطان وإبداء نوع من التعاطف مع القضية الفلسطينية. وفي كل ذلك، تعمل حكومة الاحتلال وماكينتها الإعلامية على قطع الطريق أمام أي مواقف دولية، خصوصاً الأوروبية، لوقف الاستيطان، عبر تحويل الضحية الفلسطيني إلى معتد، وتحول الاحتلال إلى مدافع عن نفسه، بذريعة الأمن، هذا الأمن الذي تصر قيادة السلطة على التنسيق معه، وتجاهر علناً بأنها لن توقفه، بل تصرح أجهزتها الأمنية بأنها أجهضت أكثر من 200 عملية عسكرية ضد الاحتلال منذ اندلاع الهبة الشعبية الفلسطينية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ولا ندري ماذا يتبقى للمراهنين على المفاوضات والتسوية، في ظل هذا الطوفان الاستيطاني، سوى مناشدة المجتمع الدولي التحرك لوقفه، من دون أن ترتقي مواقف السلطة ذاتها إلى مواقف الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، التي وصلت إلى حد مقاطعة منتجات المستوطنات وفرض عقوبات عليها، بينما قررت بعض دول الاتحاد مقاطعة الكيان أكاديمياً، وبعضها الآخر كالسويد طالب بفتح تحقيق دولي في عمليات الإعدام الميدانية التي تنفذها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين، فيما رفضت البرازيل اعتماد سفير صهيوني لمجرد أنه مؤيد للاستيطان. .. وبعد، إذا كانت السلطة غير قادرة على الارتقاء إلى هذه المواقف الدولية، ولا حتى إلى مواقف شعبها الذي يصر على مقاومة الاحتلال حتى نيل حريته واستقلاله، فمن يوقف المشروع الاستيطاني الصهيوني على أرض فلسطين. younis898@yahoo.com