لو امتلك الرجل سيارةً فاخرةً لتباهى بها أمام أصدقائه وقرنائه أو "الربع" كما في اللغة الدارجة، ولو امتلك سيارةً أخرى جديدة بموديل أحدث عن الأولى لزاد قدر المباهاة والتيه في داخله، هذا فيما يتعلق بالممتلكات المادية، لكن الصدمة أن نجد بعض الرجال في المجتمعات الخليجية والسعودية يمتلكون ذات النظرة فيما يتعلق بالزواج، فالزواج من الأولى خير وبركة، ومن الثانية دليل براعة وفحولة وثراء وغنى ومدعاة مباهاة في المجالس بين الرجال!! في حين يلجأ البعض الآخر للمباهاة أمام الزوجة الأولى بالقدرة على كسر جناحها والتمتع بغيرها!! فما تفسير هذه الظاهرة، وهل هي صحيحة ومن أجلها شرع المولى التعدد، وما تأثير ذلك على المستوى الاجتماعي والنفسي.. كل هذه التساؤلات يجيبنا عليها المستشار الأسري والاجتماعي عبد الرحمن القراش في السطور الآتية. التعدد لأجل المباهاة: بدايةً يقول القراش: إنّ التعدد بهدف المباهاة وتحقيق الهوى دون سبب مقنع، وهدف سامٍ وترتيب مسبق وحاجة ملحة أو دون مقدرة من النواحي المالية والصحية يجلب لصاحبه في أغلب الأحيان المشاكل المستمرة ويخلق نوعًا من عدم التوازن الأسري وهو مثار مشكلات اجتماعية ونفسية لا حصر لها، وليس مدعاة فخر ومباهاة فهو يؤدي إلى: 1/ اضطرابات عائلية وتشتيت للأسرة، بالإضافة إلى الصعوبات المالية والبعد الاجتماعي مما ينعكس على نفسية الأبناء من الزوجات مستقبلًا ويخلق العداوة بين الإخوة ويفرز سلوكيات حب الانتقام. 2/ يشكل عبئًا نفسيًّا كبيرًا على الأبناء فيجعلهم في نظر الآخرين إما محل تقليل وازدراء، وإما محل شفقة وكلتا الحالتين لهما تبعاتهما النفسية والاجتماعية . التعدد لأجل العناد والانتقام: وقد يلجأ بعض الأزواج للتعدد رغبةً منهم في تأديب الزوجة الأولى وكسر جماحها، وفي هذه الحالة يرى القراش أنّ البعض الآخر قد يلجأ للتعدد لاستخدامه سيفًا يشهره الرجل في وجه المرأة لترضخ لمطالبه أو اعتباره تأديبًا، وهنا يعتبر التعدد ظلمًا للزوجتين على حد سواء، ولكنه في حق الزوجة الثانية أكثر لكونها لا تعلم بنية هل تعدده انتقام من الأولى أو لهوى في رأسه. مما يؤدي لمزيد من الضرر وخلق أجيال تكره بعضها بعضًا لما لتربية الأم المتأثرة نفسيًّا لدرجة كبيرة من جراء الزواج عليها، فكيف ستربي امرأة أطفالها وهي ذاخرة بحقد امرأة أخرى شاركتها في زوجها وقد تكون في أية لحظة من اللحظات مطلقة جراء الغيرة بين الاثنتين. التعدد الحق: وفي الواقع إنّ الشرع قد شرع التعدد لمقاصد أسمى ولحالات أكثر جدية يوضحها القراش في النقاط التالية: 1. إذا كانت الزوجة الأولى عاجزة عن القيام بحقوق الرجل وواجباته. 2. إذا لم تنجب المرأة أبناءً واحتاج الرجل لهم فلا يحق لها منعه. 3. إذا طابت نفس المرأة وسمحت للرجل لتحقيق سنة النبي _صلى الله عليه وسلم_. 4. أن يكون للرجل طاقة زائدة لا تتحملها الزوجة الواحدة فيفضل التعدد لكي لا يقع في الحرام. ويضيف القراش: كما اشترطت الشريعة الإسلامية لتحققه شرطين لازمين لابد من توفرهما رعايةً لمصلحة الزواج العليا وتحقيقًا لمقصوده وهما: 1. القدرة على الإنفاق، ومتى اختل هذا الشرط حرم على الرجل الإقدام على الزواج لقوله _صلى الله عليه وسلم_:( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج). 2. العدل بين الزوجات وذلك يكون بالتسوية بين الزوجات في النواحي المادية من نفقة، وحسن معاشرة، ومبيت. قال تعالى:( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا).