×
محافظة المنطقة الشرقية

الحديثي: جريمة #الأحساء النكراء لم تُراعِ حرمة الزمان والمكان

صورة الخبر

كان المنهج الدراسي ولا يزال الركيزة الأساسية في عملية التعليم منذ القدم، لذا كان الاهتمام به واضحاً منذ بداية التعليم النظامي في بلادنا.. ونسمع بين فينة وأخرى عن عملية تطوير المناهج الدراسية حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم حيث تعتبر مواكبة لعصر المتغيرات في جميع المجالات العلمية والفكرية.. ففي السابق كانت المناهج تركز على الحفظ والتلقين، حيث كان شرح المعلم شرحاً سردياً للمعلومات وإلقائيا بحتاً، فالطالب يتلقى المعلومة مباشرة من المعلم ومن ثم يطلب منه الحفظ ليقوم بتسميعها في حصة لاحقة، أما في عصرنا الحاضر فهي تركز على التفكير والاستنتاج والتجريب مما يتيح للطالب فرصة اكتشاف المعلومة واستخدام التفكير للتوصل إليها ودور المعلم بات حوارياً من خلال المناقشة وطرح الأسئلة ومحاولة إيجاد الحلول لها لتأكيد إيصال المعلومة إلى ذهن الطالب ومن ثم رسوخها، ومن خلال استعراض المناهج الدراسية بين زمنين نجد هناك فرقاً كبيراً من خلال المحتوى ومسمى المواد الدراسية حيث تغير المنهج جذرياً على ما كان عليه ليواكب متطلبات العصر الحديث الذي نعيشه اليوم، كما تغيرت الوسائل التعليمية ودخلت التقنية الحديثة في تسهيل الشرح العملي لكثير من المواد وخاصة العلمية منها، ومع تغير المناهج وتطويرها بين فينة وأخرى نجد أن شريحة كبيرة من المجتمع ومن المهتمين خصوصاً كالمعلمين والمعلمات والتربويين وأولياء الأمر منقسمون بين مؤيد ومعارض حيث يرى الأغلبية أن التطوير مطلب ملح في عصر العولمة والانفتاح المعرفي الذي يعيشه العالم ولكن البعض يرى أن بعض المناهج باتت أكثر صعوبة على الطالب وتحتاج إلى تأهيل شامل للمعلم الذي هو محور العملية التربوية، وفي غمرة هذا الشغف لاستلهام المعارف والعلوم الموجودة في تلك الكتب، يتساءل الآباء والأمهات هل حقاً ستتم الاستفادة من كل هذه الكتب الاستفادة المثلى، وهل ستجد الأساليب الجديدة في التعليم التي تعتمد على التفكير والاستكشاف طريقها لدى الكادر التعليمي في المدارس، والخروج من عباءة التلقين والحفظ؟ خصوصاً أنهم كثيراً ما سمعوا عن تطوير المناهج وطرق التعليم والدورات التي تقام لتدريب المعلمين على المناهج الجديدة، ولكن عند النظر في واقع العملية يعتقد بعضهم أن ذلك التطوير لم ينعكس إيجاباً على أداء أبنائهم ولا على مستواهم الدراسي، ما يترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لمناقشة فعالية التطوير في العملية التربوية والتعليمية، يخرج لنا سؤال محير وهو: هل التطوير يقتصر فقط على المناهج وطريقة عرضها في الكتب من دون الاهتمام بكيفية إيصالها إلى الطلاب من خلال معلمين مدربين بكفاءة؟ أما بعض كبار السن ممن درسوا تلك المناهج أو تتلمذوا عليها يحدوهم الحنين إلى تلك الفترة السحيقة التي تعيدهم الذاكرة إليها طلاباً أو معلمين وينظرون إلى تلك المناهج الدراسية بأنه قد خرجت أجيالاً مبدعين في شتى أنواع المعرفة. مديرية المعارف عند إقرار التعليم النظامي في بلادنا وذلك بتأسيس مديرية المعارف عند دخول الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - مكة المكرمة عام 1343ه حاملًا دعوة الوحدة والنهضة الجديدة كان أول أعماله الدعوة إلى اجتماع تعليمي التقى به مع علماء مكة المكرمة وحثهم على نشر العلم والتعليم والتوسع فيه، وقد أعلن الملك الموحد إنشاء مديرية المعارف في 1/9/1344ه واضعاً الأسس لأول مؤسسة تعليمية حديثة في المملكة، وقد كانت المناهج الدراسية في ذلك الوقت محدودة تكاد تتلخص في تعليم القرآن الكريم ومبادئ تعليم الكتابة والقراءة وتعليم الحساب والعلوم، وبعد ذلك تمت إضافة العديد من المواد كالخط والاجتماعيات والتربية الفنية وغيرها من المواد. مناهج زمان قبل انتشار التعليم النظامي كانت الكتاتيب هي التي تعنى بتعليم الطلاب في كافة المدن والقرى حيث كانت المواد التي تدرس القرآن الكريم تلاوة وحفظاً، ولم يكن هناك مصاحف توزع على الطلاب لندرتها في ذلك الوقت فبالكاد يحصل المعلم على نسخة مخطوطة أو مطبوعة من المصحف ليقوم بتلاوته على الطلاب فقد كان لكل طالب لوح خشبي يقوم بكتابة عدد من الآيات ومن ثم يحفظها ويمحوها ويبدأ في كتابة آيات جديدة ويحفظها وهكذا، كما كان بعض الطلاب يتعلم في الكتاتيب مبادئ القراءة والكتابة وشيئاً من الحساب فقط وهذه العلوم التي يتعلمها الطلاب في الكتاب، وبعد أن بدأ انتشار التعليم النظامي والمدارس تم إقرار عدد من المواد الدراسية وتم توزيع مناهج لها على الطلاب وتم تركيب سبورات جدارية تبنى من الاسمنت على الجدران واستخدمت الطباشير في تدوين المعلومات في السبورة، كما تم توزيع دفاتر على الطلاب لتدوين الدروس وحل المسائل، ومع تقدم الزمن صارت الكتب المدرسية محددة لكل مرحلة من مراحل التعليم العام ولكل صف، وقد كانت طريقة التعليم لمبادئ القراءة والكتابة في الصف الأول تعتمد على دراسة الحروف أولاً فيتم مثلاً تدريس الحرف (أ) ومن ثم استخراجه من كلمة (رأس) وكلمة (دار) فيتعلم الطالب استخراج الحرف من الكلمة، وكم كان الطلاب يرددون هذه الكلمات على مسامع معلميهم بصوت مرتفع، وفي وقت لاحق ومع لتطوير بات الطلاب يتعلمون الكلمات بدلاً من الحروف، وكانت كتباً لقراءة مزودة بعدد من الصور التي لها مدلولاتها كصورة الأب والأم والإخوة، ولكن كانت الأسئلة مقالية وبعيدة عن الموضوعية سوى طريقة الإكمال للكلمات خصوصاً للمرحلة الابتدائية، أما الكتب الأخرى للمواد فلم يكن فيها صور توضيحية ككتب الفقه والتوحيد وغيرها، أما مسميات المواد فقد كانت مختلفة بعض الشيء عما هي عليه الآن فقد كانت عبارة عن مواد القرآن الكريم، التفسير، الحديث، التوحيد، الفقه، القواعد، النصوص والمحفوظات، المطالعة، التعبير، الإملاء والخط، اللغة الانجليزية، التاريخ، الجغرافيا، الحساب، الجبر، الهندسة، العلوم العامة والصحة، الرسم، الاشغال، التربية البدنية، وقد تم تغيير مسميات هذه المواد في وقتنا الحاضر مع عملية تطوير المناهج فأصبحت كالتالي: القرآن الكريم وتجويده، "التوحيد" التوحيد، "الفقه" الفقه والسلوك، الحديث والسيرة، "اللغة العربية" (لغتي الجميلة)، التربية الاجتماعية والوطنية، "الحاسب الآلي" الحاسب الآلي، "الرياضيات" الرياضيات، "العلوم" العلوم، "اللغة الإنجليزية" اللغة الإنجليزية، "التربية الفنية" التربية الفنية والمهنية، "التربية البدنية" التربية البدنية. دمج المناهج الدراسية شملت عمليات التطوير الحديثة في المناهج الدراسية عملية دمج لبعض المواد في كتاب واحد بدل أن كانت في مجموعة كتب مثل علوم اللغة العربية فبعد أن كان هناك كتاب للنحو أو قواعد اللغة العربية وكتاب للأناشيد والأدب والنصوص وكتاب للمطالعة وكتاب للخط جمعت في كتاب واحد تحت مسمى (لغتي الجميلة) على عكس العلوم الدينية التي كانت مجموعة في كتاب واحد يشمل التوحيد والفقه والحديث فقد بات لكل مادة كتاب مستقل، وكذلك الحال إلى مواد الاجتماعيات التي كانت تضم مادتي الجغرافيا والتاريخ فصارت مضمومة في كتاب واحد تحت مسمى العلوم الاجتماعية بالإضافة إلى مادة الوطنية، كما بات لكل مادة من المواد الدراسية كتاب مرادف للنشاط مما ضاعف من عدد الكتب وادى إلى تراجع الاعتماد على الدفاتر حيث بات الطالب يحل المسائل والواجبات في كتب النشاط المصاحبة لكل مادة من المواد الدراسية. المناهج السابقة كانت المناهج السابقة مناهج تعتمد على طرح كم هائل من المعلومات وبدون وجود صور إيضاحية خصوصاً في مادتي اللغة العربية والعلوم الدينية، وحتى أسئلة التقييم للطالب في نهاية كل درس كانت أسئلة مقالية فقط بعيداً عن الأسئلة الموضوعية، ومع عمليات التطوير باتت المناهج الجديدة ملأى بالصور الإيضاحية لكل درس حتى كتب التربية الإسلامية، مما سهل من طريقة الشرح وسهولة وصول المعلومة إلى أذهان الطلاب كما تم تلوين صفحات الكتب ووضع ألوان على عدد من المهارات وتقسيم للدروس مع توضيح الهدف من دراسة كل وحدة ودرس، وباتت أسئلة تقييم الدروس موضوعية ومتنوعة تطابق أهداف الدرس وتقيس بالفعل مدى استيعاب الطلاب وفهمهم للمادة الدراسية. وسائل التعليم كانت المناهج القديمة تعتمد على الوسيلة التي لم تكن تفارق المعلم حيث كان معلم الاجتماعيات ملازماً لخرائطه التي يتنقل بها أينما ذهب في الفصول والتي تضم خارطة العالم الإسلامي والعربي وخرائط الدول والبحار والمحيطات، وكذلك بالنسبة لمعلم الرياضيات الذي يحمل معه الأدوات الهندسية ك (المثلث) و(الفرجار) و(المسطرة)، أما معلم العلوم فقد كان المختبر طريقاً يومياً لطلابه حيث تجرى الكثير من التجارب التي ما زالت عالقة في أذهان الطلاب رغم تقادم السنين حيث لا يمكن أن ينسى الطلاب المعلومات المصاحبة للتجارب حيث طبقوا معلومات الدرس عملياً وارتسمت مسميات لا يمكن أن تمحوها الذاكرة مثل مصباح (بنزن) و(الدورق) والزجاجيات وغيرها من الأجهزة الكهربائية والميكانيكية التي أحسوا بوجودها ومارسوا لمسها بأيديهم وأجروا بأنفسهم التجارب وشاركوا فيها، كما كان للسينما التعليمية متعة خاصة ومن أبرز الأفلام التعليمية أفلام (كورنت) التعليمية ذات البرامج العلمية التي تخدم مادة العلوم، وبعد التطوير الذي شمل جميع المناهج بات هناك وسائل جديدة بعد أن تم الاستعانة بالتقنيات الحديثة كأجهزة عرض ما فوق الرأس والسبورة الذكية المربوطة بجهاز الكمبيوتر وبرامج (البور بوينت) فألغت هذه الوسائل الحديثة تلك الوسائل القديمة التي كان لها بريق في أعين الطلاب وصار اعتماد المعلمين في شرحهم على هذه الأجهزة التقنية وكتب النشاط التي تصاحب المواد. مرحلة التطوير بعد عمليات التطوير التي شملت جميع المناهج الدراسية وخصوصاً العلمية كالرياضيات والعلوم واجه العديد من الطلاب وأولياء أمورهم بل المعلمين صعوبة في المنهج الجديد حيث وصفه الكثيرون بالصعوبة، فقد زادت الكتب الدراسية باستحداث كتاب جديد مرادف لكل منهج وهو كتاب النشاط والذي يعد مكملاً للمادة الدراسية، الأمر الذي زاد من إرهاق الطلاب والمعلمين من وجهة نظرهم وذلك لعدم كفاية الحصص لتدريس ذلك فتدريس كتاب المادة الأساسي وكتاب النشاط يستلزم وقتاً أطول مما قرر له من حصص الأمر الذي أدى في نظر الكثيرين إلى إغفال البعض لكتاب النشاط أو أجزاء منه من الشرح والدراسة، أما في منهجي الرياضيات والعلوم فقد واجها في بداية تطويرهما صعوبة حتى من معلمي المادتين الذين توجب عقد العديد من الدورات ليتمكنوا من التعرف على طريقة التدريس لهذا المنهج الجديد، كما واجه المنهج نقداً من الجميع وخصوصاً من أولياء أمور الطلاب فقد باتوا عاجزين عن تقديم المساعدة لأبنائهم أثناء المراجعة حيث واجهوا صعوبة بالغة في تحديد الحلول التي تعتمد على الاستنتاج والتفكير والرجوع إلى مصادر خارج الكتاب كمواقع محركات البحث على شبكة الانترنت، ولكن مع مرور الوقت وبذل المزيد من الجهد بدأ الجميع يتأقلم مع هذه المناهج التي تعتمد على طرق التدريس الحديثة والأخذ بالمتغيرات في العلوم الحديثة فهي في النهاية تعتمد على الاستقصاء العلمي وحل المشكلات، والتفكير الناقد والاستنتاج للوصول إلى المعلومة الصحيحة لترسيخها.