أثارت انتهاكات إسرائيل المستمرة للقوانين الدولية والمواثيق الأوروبية غضب أصدقائها التاريخيين، ومع تعاظم النشاط الفلسطيني في أوروبالم يعد بالإمكان أن تمر تلك الممارسات الإسرائيلية -خاصة الاستمرار في الاستيطانوقضم الأراضي- دون تنديد وغضب بريطاني وأوروبي. وأدى إقدام إسرائيل مؤخرا على مصادرة ألف وخمسمئة دونم جديد من أراضي الضفة الغربية إلى غضب أوروبي واسع، كما نددت الخارجية البريطانية بهذه الخطوة الإسرائيلية. والتنديد البريطاني -وإن لم يبد فيه جديد-فإن صدوره عن حكومة يقودها المحافظون، إضافة إلى تزامنه مع مصادقة وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على إلغاء أي اتفاقيات تتم بين دوله وبين إسرائيل خارج الخط الأخضر؛ يفيد بتعاظم التفهم الأوروبي للحقوق الفلسطينية، وتراجع الدعم غير المحدود لإسرائيل. وفيسؤال للجزيرة نت حول الموقف البريطاني من المستوطنات الجديدة، أرسلت الخارجية البريطانية تصريحا لوزير الخارجيةفيليب هاموند أدلى به على صفحتها، يصف ما أقدمت عليه إسرائيل بالأمر المخالف للقانون الدولي. ويؤكد الوزير البريطاني في تصريحه على موقف بلاده الواضح من اعتبار الأراضي الاستيطانية غير قانونية. وحذر هاموند في بيانه من كل الخطوات التي تقوض جهود السلام وتعطل حل الدولتين، لافتا إلى أن إعلان إسرائيل ضم هذه الأراضي لها هو الأكبر منذ 2014. ماجد الزير:إسرائيل أصيبت بالإحباط بعد الموقف الأوروبي من المستوطنات (الجزيرة) غضب أوروبي وهذا التنديد البريطاني يترافق مع غضب أوروبي من استمرار إسرائيل في سياساتها الاستيطانية، إذ أدان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي استيلاء إسرائيل على أراض جديدة في الضفة الغربية، كما أقر مجلس وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي عدم سريان الاتفاقيات التي وقعتها دول الاتحاد مع إسرائيل على المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967. ويأتي هذا القرار رغم الجهود الحثيثة التي بذلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمنع إقرار هذه الخطوة، والتي انتهت بالفشل والإحباط، وتعبير الرجل عن غضبه من الأوروبيين. ولم يستغرب ماجد الزير رئيس مركز العودة -الذي يتخذ من لندن مقرا له- في حديث للجزيرة نت، هذا الغضب الإسرائيلي الذي يقول إنه يأتي جراء شعور إسرائيل بتراجع الدعم غير المحدود لها بعد أن كانت حكومة الاحتلالتعتبر نفسها طليقة اليد وخارج القانون وتشعر بالاستعلاء. وقد جاء هذا القرارليعكس تغيرا في الموقف الأوروبي لصالح القضية الفلسطينية، ونجاحا واضحا للمجموعات الفلسطينية الأوروبيةالتي تعمل عبر القارة الأوروبية لتعرية الاحتلال وسياساته الاستيطانية. وبحسب الزير -الذي بات مركزه إحدى المؤسسات المعترف بها أوروبيا- فإن هذا الإجراء الأوروبي برفض التعاون مع المستوطنات وإدانة قضم الأراضي الفلسطينية، هو أمر ينزع الشرعية عن المستوطنات في العقل الأوروبي الجمعي على المستويين الشعبي والحكومي، ويسهم على المدى المتوسط والبعيد في نزع الشرعية عن الاحتلال ذاته. ولفت إلى أن هذه الإجراءات الأوروبية تقوي شوكة الفلسطينيين في ظل "الانتفاضة الثالثة" التي اندلعت منذ أوائل أكتوبر/تشرين الأول. وكان الاتحاد الأوروبي شدد في قراره على معارضته للمستوطنات، ولمواصلة البناء الاستيطاني فيها، واستثناها من أي اتفاقات بينه وبين إسرائيل. علي القدومي: الموقف الأوروبي أعطى دعما كبيرا للحملات الداعية لمقاطعة بضائع المستوطنات(الجزيرة) موقف قانوني وجاء القرار الأوروبي الذي اعتمدت عليه بريطانيا والاتحاد الأوروبي في موقفهما الصارم من المستوطنات، جراء استشارة هيئة استشارية دولية، كما يقول المستشار القانوني علي القدومي. وأوضحالقدومي في حديثه للجزيرة نت أن تلك الاستشارة كتبها البروفيسور جيمس كروفورد من جامعة كامبريدج ببريطانيا، والذي رأى أن الاتفاقات المبرمة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل يجب ألا تكون نافذة في المستوطنات المقامة على أراض فلسطينية. وأشار القدومي إلى أن هذه الاستشارة ستتسبب في فرض عقوبات شاملة على بضائع المستوطنات الإسرائيلية، إضافة إلى إعطاء دعم كبير للحملات الداعية لمقاطعة المستوطنات في الضفة الغربية. ورغم عدم تجاوز هذه القرارات والإدانات السقف المعروف دوليا، فإنها أوجعت إسرائيل بالنظر للبيان الصحفي الذي أصدرته الخارجية الإسرائيلية وديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، واتهم الاتحاد الأوروبي بالتعامل مع إسرائيل "بمعايير مزدوجة"، وتجاهل ما سماه مسؤولية السلطة الفلسطينية عن الجمود السياسي وتوقف المفاوضات. وهذه اللهجة الإسرائيلية تعكس حالة من الغضب والتخبط، حيث تتابع إسرائيل بقلق بالغ التحول في الرأي العام الأوروبي باتجاه مزيد من مناصرة الحقوق الفلسطينية، والذي تجلى عبر الاعترافات المتتالية للبرلمانات الأوروبية بالدولة الفلسطينية.