مقولة (مُت قاعداً) تطلق عادة للمحال على التقاعد، وقد تجد لها ما يبررها لدى البعض من الكسالى (أمثالي) كونك تشاهد الأغلبية من المتقاعدين، يركنون للدعة والسكون، وهذا - لعمري - توجه مكروه، سرعان ما تكون له سلبياته على زيد من الناس وعمرو، ممن يوحشهم الدخول لمعترك الحياة من جديد، وأي حياة يا ترى؟ حياة حرية التحرك، حرية الإبداع، الشمس لا تحجب بغربال، مجتمعنا مليء بالأرقام الفاعلة، التي لم نر لها نشاطاً فكرياً، بسبب ظروف عملها الصعب، إلا بعد ما أحيلت للتقاعد، ولدينا في هذه المقالة الخاطفة، شخصية دبلوماسية فذة، كان لها صولات وجولات في مجال الدبلوماسية، من خلال عملها قنصلاً في العديد من الدول، وسفيراً لخادم الحرمين الشريفين في دولة بنغلاديش ردحاً من الزمن، هذه الشخصية تمتلك مقومات النجاح من التأهيل العلمي اللازم للمهنة، وسمو الأخلاق، وما تتميز به من تواضع جمع وتمسك بأمور الدين، هذه الشخصية أعرف أنها لا ترغب الإطراء، لكن إذا كان هذا الإطراء متعدياً نفعه، فلا بأس به، هذا من وجهة نظري، وعندما أكتب هذه الكلمات المعدودة عن شخصية هذا المقال، أهدف إلى أهمية أن يتقمص الدبلوماسيون الشباب الجدد، شخصية هذا المقال وأمثاله، ليتأثروا بكفاحه وإخلاصه وأخلاقه، سعادة السفير الأستاذ عبدالله بن محمد العبيد النملة، جاري العزيز، بحي الفلاح بالرياض، الذي تفضل مشكوراً بإهدائي نسخة من سفره الجديد ( الممالك والإمارات الإسلامية في شبه القارة الهندية) في طبعته الأولى 1435هـ، وقبل أن أدلف لمحتوى الكتاب، أجدني مضطراً لبيان مدى إعجابي بأبي محمد، إذ بمجرد إحالته للتقاعد شمًر عن ساعد الجد ويمًم قلمه، صوب الثقافة، وطفق يخرج لنا أسفاراً جميلة، واحداً تلو الآخر، مصبوغة بالثقافة الإسلامية، مما يعني أن تربية هذا الرجل منذ الصغر، كانت في الاتجاه الصحيح، كتابه الأول (أوراق دبلوماسية) وكتابه الثاني (السلوك الدبلوماسي) وهذان