مقطع فيديو تم تداوله أخيراً على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر طفلاً سورياً يأكل الكرتون من شدة الجوع بسبب أحداث الحرب القائمة في سوريا، والتي تدخل سنتها الثالثة اليوم دون أن يكون هناك أمل في أن تنتهي قريباً، رغم كل المساعي العربية والدولية لإيجاد صيغة للخروج بسوريا وشعبها من هذه المأساة المتواصلة. هذا المشهد يُظهر الجزء الأهم من المأساة السورية ... وهو ما وصل إليه حال بعض فئات من السوريين ... لكنه يُظهر أيضاً جانباً لا يقل مأساة وهو ما وصلت إليه حال أمتنا العربية من مهانة وضعف جعلها تستسلم لما يحدث هنا وهناك في أنحاء وطننا العربي دون مقاومة أو محاولة على الأقل لفعل ما يمكن أن يحد من تفاقم الأحداث المأساوية القائمة في أكثر من مكان في عالمنا العربي. *** لقد انتهى الأمر بالجامعة العربية التي يُفترض أن يلجأ إليها العرب لحل قضاياهم، بعد أن عجزت عن التدخل بما ينهي الوضع السوري الذي انتهى ليتحول إلى حرب أهلية بين النظام وقوى المعارضة، إلى إحالة الأمر إلى مجلس الأمن الدولي، وتوكيله للتعامل مع مختلف مجريات الأزمة السورية وتداعياتها الخطيرة على سورية والمنطقة، وعلى ضرورة توفير الدعم لمسار الحل التفاوضي للأزمة تمهيداً لعقد مؤتمر جنيف (2) وتوفير أسباب نجاحه، وحث جميع الأطراف السورية إلى المشاركة بجدية وعلى نحوٍ بناء في المؤتمر لإيجاد حل سلمى للأزمة السورية، وتأييد البيان الرئاسي لمجلس الأمن بشأن الأوضاع الإنسانية في سورية. *** لقد وجدت الجامعة العربية نفسها أمام الثورات التي شهدتها المنطقة منذ 2011 تواجه ضغوطاً شديدة فرضت عليها قضايا جديدة لم تعهد التعامل معها من قبل. فبعد تمسكها منذ إنشائها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، وبعد أن طالت الثورات دول القلب في النظام العربي، وعلى وجه الخصوص مصر، دولة المقر، وجدت الجامعة نفسها في خضم الأحداث تقف مع انتفاضة الشعوب، وكان ذلك جلياً مع الانتفاضة الليبية حين أيدت قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973، الذي أجاز التدخل العسكري في ليبيا بإقراره «فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا، واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين»، كما أظهرت الأزمة السورية قصور أداء الجامعة العربية وكشفت الحاجة إلى إصلاح نظام الجامعة، وهو أمر كانت قد دعت إليه المملكة حين قدمت مبادرة شاملة لإصلاح ميثاق الجامعة وسبل دفع العمل العربي المشترك تحت مسمى وثيقة العهد «ميثاق إصلاح الوضع العربي» دعت فيها إلى تغيير جذري في الجامعة العربية لمواكبة المتغيرات العالمية. *** إن مأساة اللاجئين السوريين هي أبرز تداعيات الأزمة السورية الراهنة، فقد بلغ المصابون بصدمات نفسية من الحرب الأهلية حوالي مليوني لاجئ ، نصفهم من الأطفال . وأكثر من مليوني نازح داخل سوريا . ناهيك عن ارتفاع عدد القتلى الذي تجاوز أكثر من مائة ألف شخص، وهو أمر وإن كان يُشكل وصمة عار للنظام السوري فإنه يبرز أيضاً حجم الفشل في التعامل العربي والدولي مع القضايا الإنسانية. وإذا كان هناك أمر إيجابي من وراء الثورات العربية فهو إمكانية أن تكون فرصة لوضع رؤى إصلاح الجامعة العربية موضع التنفيذ لتشهد هذه المؤسسة العربية المُشتركة انطلاقة جديدة تجعلها أكثر قدرة على مواجهة المتغيرات الدولية الجديدة. • نافذة صغيرة: [[إن حالة التردي المستمر في الأوضاع الإنسانية في سوريا من جراء تدفق النازحين واللاجئين لابد وأن تحمل معها انعكاسات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة...]] عبدالله بن عبدالعزيز nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain