انتقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، رفض البرلمان لقانون «الخدمة المدنية» الذي ينظم العلاقة بين موظفي الدولة والحكومة، في أول تعليق له على عمل مجلس النواب. وقبل يومين من حلول الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، حث الرئيس السيسي الشعب التونسي على «الحفاظ على بلادهم.. في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة»، في إشارة على ما يبدو لموجة الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد الأسبوع الماضي. وكان الرئيس يتحدث أمام المئات من ضباط الشرطة في قاعة الاحتفالات بأكاديمية الشرطة (شرق القاهرة)، خلال الاحتفال بعيد الشرطة الذي يوافق ذكرى ثورة يناير. وظهر الرئيس المصري خلال كلمته التي بثها التلفزيون الرسمي محاطًا بأسر شهداء الشرطة. وسقط خلال العامين الماضيين مئات من الضباط والجنود في عمليات إرهابية استهدفتهم. ويتعرض ضباط الجيش والشرطة لعمليات إرهابية منذ سنوات، لكن وتيرة تلك العمليات تزايدت بشدة بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وفي موقف نادر، انتقد الرئيس نواب البرلمان الذين رفضوا الأسبوع الماضي قانونًا أصدره السيسي في مارس (آذار) العام الماضي، ينظم العلاقة بين موظفي الدولة والحكومة. وأثار القانون عند إقراره غضبًا واسعًا في صفوف الموظفين وتظاهر على إثره ألوف الموظفين. وكانت الحكومة تأمل من خلال القانون علاج «الترهل الإداري»، وخفض بند الأجور في الموازنة العامة للدولة، لكن المعترضين على القانون قالوا إنه يساهم في تكريس الفساد، ويؤثر بشدة على أجورهم. وقال السيسي إن «البرلمان رفض أحد قوانين الإصلاح في الوقت الذي نطالب فيه بمزيد من التقدم»، مضيفًا أن مصر «لديها 7 ملايين موظف نحتاج منهم مليونا واحدا فقط، والقانون لن ينتقص من حقوق أو رواتب أحد». وطالب الرئيس نواب البرلمان بدراسة الموضوعات المطروحة عليهم جيدا قبل إصدار قراراتهم، وتابع قائلا: «العالم كله ظروفه الاقتصادية صعبة، ومصر ليست بعيدة عن هذه الظروف.. والشعوب لا تحيا بالمجاملة أو المزايدة، بل بالإخلاص والشرف والتصدي والتضحية والصبر». وعلق النائب هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، على انتقادات الرئيس قائلا: «للسيد رئيس الجمهورية.. أضم صوتي لصوتك وأطالب الجميع وبلا استثناء لتقديم تنازلات وليس فقط الموظفين الغلابة، القانون يجب أن يطبق على الجميع ودون استثناءات.. القضاء.. الجيش.. الشرطة». وأضاف الحريري على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أنه «على الجميع أن يقدم تنازلات ليس فقط الفقراء والغلابة والعمال والفلاحين والموظفين.. ضرائب تصاعدية وحد أدنى وأقصى للأجور وضريبة البورصة.. على رجال الأعمال والأغنياء.. هذا هو مفهوم العدالة الاجتماعية التي خرج شعبنا العظيم ينادي بها». كما وجه الرئيس السيسي رسالة إلى الشعب التونسي، مطالبا أفراده بالحفاظ على بلادهم، قائلا: «الظروف الاقتصادية صعبة لكل العالم.. حافظوا على بلادكم.. ما تضيعوش بلادكم»، مشددًا على أن أمن واستقرار الشعوب ليس لعبة. وكان الرئيس السيسي يشير على ما يبدو لموجة الاحتجاجات التي عمت تونس الأسبوع الماضي، لكن بعض المراقبين قالوا إنها تحمل رسالة للداخل أيضًا، في وقت بدأت فيه دعوات للتظاهر في مصر بالتزامن مع ذكرى الثورة. وكثفت جماعة الإخوان من دعواتها للتظاهر في ذكرى ثورة 25 يناير التي أنهت ثلاثة عقود من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. وخلال كلمته في الاحتفال بعيد الشرطة، قال الرئيس إن مصر تقدر لرجال الشرطة دورهم في الحفاظ على أمنها واستقرارها، مشددًا على أن ذكرى 25 يناير تعكس معنى التضحية والفداء لرجال الشرطة. وأكد أن الدولة لن تنسى شهداء الشرطة جميعا، وقال: «لن ننساهم أبدا ولن نتخلى عنهم أبدا.. لن نسمح بدم الشهداء دول يروح هدر». وأشاد السيسي بما يقوم به جهاز الشرطة من توعية لكل أفراده في مجالات حقوق الإنسان، مقدمًا الشكر لجميع أفراد الشرطة على تأمين الانتخابات البرلمانية وخروجها بهذا المظهر المشرف. وعلى الصعيد الأمني، قال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العميد محمد سمير إن عناصر من القوات المسلحة بنطاق الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية قد بدأت التحرك والانتشار لمعاونة الأجهزة الأمنية لوزارة الداخلية في حماية المواطنين وتأمين الأهداف والمرافق الحيوية والمنشآت الهامة، وتأمين الطرق والمحاور المرورية الرئيسية بنطاق القاهرة الكبرى وكثير من محافظات الجمهورية. وأشار العميد سمير إلى أنه تم رفع درجات الاستعداد للعناصر المشاركة والتأكد من تفهم جميع القوات للمهام المكلفة بها لحماية مرافق الدولة والممتلكات العامة والخاصة، والتعامل مع العدائيات المحتملة والتهديدات التي تمس أمن المواطنين، والتنسيق الكامل بين القوات المسلحة والشرطة المدنية للتصدي لأي محاولة للخروج عن القانون والتأثير على أمن الوطن واستقراره.