من الصعب القول إن فيسبوك يبحث عن الشعبية، الموقع الذي سيدخل عامه العاشر في 2014 جذب أكثر من مليار شخص، وأصبح المكان الذي يضم أكبر عدد من البشر تحت سقف إلكتروني واحد، وهو أيضا الموقع الثاني في الترتيب العالمي بعد "جوجل"، والأول في دول كثيرة، ثم الحراك المالي والأسهم التي اكتسحت البورصات جعلته العلامة التجارية العالمية الأفضل في عالم التكنولوجيا، كل هذا يجعل الحديث عن "فيسبوك"باحثٍ عن الشعبية غير منطقي. لكن الحقيقة أن "فيسبوك" يشعر بالخطر من المنافسين، يواجه "تويتر" و"جوجل بلس" و"يوتيوب" وهم منافسوه الكبار، كما يواجه منافسين أصغر وأخطر مثل "سناب شات" و"آسك"، وتصاعد مشتركيه أصبح بوتيرة أقل والهجرة منه إلى منافسيه أكبر، ويمثل تحدي دخول عام 2014 الذي يمثل شهر فبراير منه الذكرى السنوية العاشرة لإنشاء فيسبوك، ليذكّره خصوصا أنه قد حان وقت التغيير لأن سرعة وتطور عالم التكنولوجيا لا مدى لها. وتقول مواقع متخصصة في التقنية إن على فيسبوك القيام بخطوات معينة للعودة إلى الصورة الأساسية التي كان يمثلها، كأن يقوم ببناء خوارزميات أكثر احترافية للحصول على نتائج بحث مفيدة، واستقطاب الفئات التي ضلت عنه كالمراهقين، كما أن عليه الاستفادة من الإعلانات دون إزعاج مشتركيه. ففي مجال البحث، عليه أن يصبح أكثر فعالية في الحصول على النتائج من أقل البيانات المدخلة، فالموقع حاليا يضم في قواعد بياناته كل شيء عن أكثر من مليار إنسان، العمر، والجنس، وألبوم صور العائلة، كل شيء وصولا إلى المدرسة الابتدائية، لكنه رغم هذا لا يستخلص النتائج في أمثل صورة. ورغم أن المواقع المنافسة تميل إلى التبسيط أكثر، وتحاول الحصول على المعلومات الأساسية فقط، مبتعدة عن تعقيدات "فيسبوك"، لكن وجود هذه البيانات في "فيسبوك" يمنحه الأفضلية، وبما أنه يتحمل سلبياتها، فيجب عليه من باب أولى أن يحصد إيجابياتها. ويقول نيت إليوت، المحلل الرئيس في مؤسسة فورستر للأبحاث. "بالتأكيد إنهم يعرفون الكثير عن انتماءات المستخدمين، أذواقهم وتفضيلاتهم، هم أكثر من أي شركة أو موقع أو شخص في هذا العالم، إذا استطاعوا توظيف هذه المعلومات بشكل أكثر ذكاء، فإن الموقع سيكون مذهلا بشكل لا يصدق". ويمكن استخدام هذه البيانات والمعلومات وربطها بمحرك بحث داخلي يأخذ بعين الاعتبار آراء المستخدمين للوصول إلى معلومات مهمة وأكثر تحديدا، معلومات تم تزكيتها من مشاركين عبر الشبكة أو من أصدقاء. فعلى سبيل المثال، بحث جوجل جبار ويمكنه ربطك بقائمة من المطاعم القريبة لكنه أعمى لا يصنف المطاعم من حيث جودتها ولا الخدمة المقدمة فيها، في الفيسبوك يمكن الحصول على النتائج نفسها مع توصيات تأتي من الأصدقاء على الشبكة، قد تجد نتيجة تقول لك "المطعم "سين" رائع ويحتوي على وجبة "برياني" بسعر كذا، وتجد تأييدا لهذا أو رفضا، من الناحية النظرية هذا بحث أكثر حياة وصدقية. ويمكن عن طريق تطوير خصائص الذكاء المستخدم في بحث "فيسبوك" توجيه الشركات المعلنة إلى نوعية خاصة من المستخدمين بحسب اهتمامهم، لا يمكنك عرض سيارة رياضية لمتقاعد في الستين من عمره، وهذا وإن كان معمولا به في كثير من المواقع، لكن "فيسبوك" يجب ألا يكون موقعا عاديا في تلك النواحي خصوصا مع وجود مليون شركة معلنة لديه. ومن العوائق التي يواجهها "فيسبوك" والتي كانت محل تساؤل على مدى الأشهر الثلاثة الماضية المعلومات التي تؤكد انخفاض استخدام المراهقين للموقع وهو ما يمثل حالة قلق له، فالمراهقون هم الأكثر إقبالا على الإنترنت وعلى الشبكات الاجتماعية عموما. وجاء التصريح الأكثر وضوحا حول هذا، عندما اعترف المدير المالي ديفيد إيبرسمان أن بعض المراهقين يقضون وقتا أقل على المنصة. حيث أكد أن استخدام "فيسبوك" بين المراهقين الأميركيين كان مستقرا بشكل عام "لكننا لاحظنا تراجعا في عدد المستخدمين اليوميين خاصة بين المراهقين صغار السن، وبدا بوضوح أن إبيرسمان يقصد الفتيان الذين تراوح أعمارهم بين 13 و17 عاما، والذين تبذل "فيسبوك" جهودا كبيرة للتمسك بهم، لدرجة دفعته في شهر أكتوبر الماضي إلى تعديل سياسة أمنية بحيث يسمح للمراهقين بالنشر العام على الموقع مثل البالغين. وقد أوضح المدير المالي أن "فيسبوك" لا تملك طريقة دقيقة كليا لقياس نشاط المراهقين نظرا لأنهم "يراوغون فيما يتعلق بتواريخ ميلادهم"، لكنه قال إن الشركة طورت أساليب قياس داخلية لمتابعة استخدام المراهقين لشبكتها. لكن دراسة جديدة نشرها موقع "ذا دروم" الخاص بالتسويق تقول إن "فيسبوك" في حكم الميت بالنسبة للمراهقين في المملكة المتحدة، وهذه الدراسة الجديدة، التي مولها الاتحاد الأوروبي، اعتبرت الموقع "باردا" رغم ضخامته، مؤكدة أن المراهقين يتحركون بعيدا عن وسائل الإعلام العملاقة متجهين إلى تطبيقات صغيرة نسبيا. وتؤكد الدراسة ظهور أربعة منافسين لـ "فيسبوك" في أوروبا وهم "تويتر"، و"إنتساجرام" و"سناب شات" وتطبيق "واتساب". وتقول الدراسة في سخرية: "فيما "فيسبوك" ميت، "إنستاجرام" في ازدهار كبير وهي مملوكة من قبل "فيسبوك"، هناك مشكلة يجب أن يكون شخص ما مهتما بحلها". والأدلة الأحدث على قلق "فيسبوك" من فقدان المستخدمين كان موقع "سناب شات" الذي رفض في نوفمبر الماضي عرضا من "فيسبوك" لشرائه مقابل ثلاثة مليارات دولار، تبعه عرض آخر مرفوض من "جول" بأربعة مليارات، وتكشف الأرقام حجم مشكلة "فيسبوك"، فمستخدموه يتداولون نحو 350 صورة في اليوم وهو ما يعد أقل بـ 50 مليونا عن موقع "سناب شات" لكن الفارق هو أن مستخدمي "فيسبوك" يمثلون خمسة أضعاف مستخدمي "سناب شات". كل هذه الحقائق تؤكد المثل الشهير بأن الوصول إلى القمة ليس صعبا، لكن الصعب المحافظة عليها، وعشر سنوات من الصعود المتواصل لا تعني البقاء في القمة إذا كان منافسوك يصعدون بوتيرة أعلى.