اتهم تحقيق استقصائي نشرته صحيفة «تايمز» سياسة إسكان طالبي اللجوء في بريطانيا بالتمييز العنصري، بسبب إسكانهم في بيوت معظم أبوابها حمراء ببلدة ميدلسبره (شمال بريطانيا)، مما يجعلهم هدفًا سهلاً للعنصريين. وأثار التحقيق ضجّة في الأوساط السياسية والحقوقية البريطانية أمس، إذ أعرب وزير الهجرة جيمس بروكنشير عن «قلقه الكبير» مما كشفه التقرير الصحافي من تمييز بحق طالبي اللجوء، وأعلن عن تكليف أفراد من وزارة الداخلية بالتحقيق في وضعية طالبي اللجوء ومساكنهم بالشمال الشرقي من البلاد. وأضاف حازمًا: «نطالب الشركات التي نتعاقد معها بالحفاظ على أعلى المعايير. وإن وجدنا دليلاً على التمييز العنصري ضد طالبي اللجوء، فسنتخذ إجراءات فورية، ولن يتم التسامح مع هذا النوع من السلوك». وأفاد طالبو لجوء من ساكني البيوت «الحمراء» بأنهم تعرّضوا إلى حوادث، منها قذف أبوابهم ببراز الكلاب وإلقاء البيض والحجارة على نوافذهم والصراخ في وجوههم بعبارات عنصرية. وقال أحد اللاجئين إن اللون الأحمر أصبح بمثابة وصمة عار، «تفرّق بيننا وبين الناس العاديين». وأضاف آخر: «يضعوننا وراء أبواب حمراء.. نحس بالعار. لم أتصور يومًا أن يسمح بلدكم (بريطانيا) بشيء كهذا». وتوجد المنازل المعنية في ميدلسبره في مناطق فقيرة من المدينة الصناعية، وهي مملوكة لشركة «جوماست» العقارية الخاصة، التي تعمل لصالح شركة «جي 4 إس» العملاقة، التي تعاقدت مع الحكومة البريطانية على توفير منازل لطالبي اللجوء في المنطقة. وتعليقًا على التقرير، نفى متحدث باسم «جي 4 إس» اتباع شركة «جوماست» أي سياسة من وراء تسكين طالبي اللجوء في بيوت لها أبواب حمراء، وإن كانت تقر بأن غالبية الأبواب في البيوت الخاصة وتلك الخاصة بطالبي اللجوء مدهونة بالأحمر. وتابع: «رغم أننا لم نتلقَّ شكاوى أو طلبات في هذا الصدد من طالبي اللجوء الذين نقوم بتسكينهم، وفي ضوء المخاوف المثارة وافقت (جوماست) على التعامل مع الأمر بإعادة دهان الأبواب الأمامية في المنطقة حتى لا يكون هناك لون واحد غالب». ورغم نفي شركة «جي 4 إس» نهجها أي سياسة تمييزية ضد اللاجئين، فإن التقرير كشف أن من بين 168 بيتا تملكه شركة «جوماست» في منطقتين فقيرتين بميدلسبره، 155 منها أبوابها مطلية بالدهان الأحمر. كما أن من بين 66 ساكنًا تحدّثت إليهم الصحيفة، 62 هم من طالبي اللجوء من 22 جنسية مختلفة. أما الأربعة بيوت المتبقية، فكان يقطن بيتان منهما طالبو لجوء سابقون، فيما يملك البيتين الآخرين مواطنون بريطانيون. من جهتها، أكدت سوزان فليتشر، رئيسة جمعية تهتم بشؤون اللاجئين تابعة للحزب الديمقراطي الليبرالي، في مقابلة مع إذاعة محلية أمس أن قضية الأبواب الحمراء أثيرت مع «جي 4 إس» عام 2012، وأنها رفضت تغييرها. وأضافت فليتشر أنّ «رجال الشرطة يقومون بأقصى جهدهم لضمان سلامة طالبي اللجوء، إلا أن هؤلاء الأخيرين لا يبلغون دائمًا بالاعتداءات التي يتعرّضون لها خوفا من تداعيات ذلك على وضعهم (القانوني)». وإلى جانب قضية «الأبواب الحمراء»، يعاني طالبو اللجوء في منطقة الشمال الشرقي من التهميش، إذ يتم إسكانهم في مناطق فقيرة للغاية ومعزولة في بعض الأحيان. وأوضح نيك فوربس، رئيس مجلس مدينة نيوكاسل، بهذا الصدد أن المجلس توصّل بشكايات عدّة ضد شركة «جوماست»، وذلك بعد تعاقدها مع وزارة الداخلية لإسكان طالبي اللجوء. وقال: «أصبحت جوماست معروفة بشرائها منازل بأقل سعر ممكن، وهي عادة منازل موجودة في مناطق (الحرمان الاجتماعي)»، واصفا نتائج هذه السياسة بـ«الإلقاء بفقراء على الأكثر منهم فقرًا» في المنطقة. بيد أن بريطانيا لم تستقبل مهاجرين بالأعداد الكبيرة التي وصلت إلى دول أوروبية أخرى العام الماضي، لكن القلق العام من الهجرة يتزايد، كما تصاعدت التوترات في مجتمعات كثيرة بها أعداد كبيرة من المهاجرين.