عوض الرجوب-رام الله اضطرت الشابة الفلسطينية (أ.ب) لدفع مبلغ عشرة آلاف شيكل (نحو2500 دولار) وقرابة مائتين وخمسين غراما من الذهب لمحتال تمكن من الدخول إلى حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، والحصول على صورها ومن ثم ابتزازها وتهديدها بنشر الصورة. وظلت الشابة، وهي من مدينة الخليل جنوب الضفة، تدفع المال للشخصية الوهمية بطرق مختلفة مقابل عدم نشر صورها حتى نفد المال والذهب، لكن المحتال ظل يهددها ويبتزها فتوجهت إلى وحدة الجرائم الإلكترونية في دائرة المباحث العامة التابعة لجهاز الشرطة، وحررت شكوى بحقه، وعلى الفور تم كشفه واعتقاله وتحويله إلى العدالة. هذه واحدة من حالات الجرائم التي تعالجها الوحدة المختصة بالشرطة، التي كشفت مصادرها عن اتساع متزايد في حجم هذا النوع من الجرائم في الأراضي المحتلة. لكنها قالت إن توفر الإمكانيات والقدرات اللازمة يساعدها في تتبع الشكاوى الواردة إليها. ارزيقات: قانون العقوبات غير رادع للجرائم الإلكترونية (الجزيرة) تهديد وابتزاز ووفق الناطق الإعلامي باسم الشرطة الفلسطينية لؤي ارزيقات فإن أبرز الجرائم الإلكترونية المسجلة هي التهديد والابتزاز والتشهير والسرقة، ويقول إن قانون العقوبات المطبق غير رادع لمثل هذه الجرائم، مما يجعل الشرطة تعول على كشف الجناة لمنع تكرار تلك الجرائم. ويوضح ارزيقات أن وحدة الجرائم الإلكترونية بدأت عملها رسميا في دائرة البحث الجنائي قبل أكثر من عامين، وجندت لهذا الغرض الإمكانيات وكادرا مدربا ومتخصصا، لكنه رفض الكشف عن المعطيات المتعلقة بالجرائم في فلسطين خلال العام الماضي، لتعليمات بعدم نشرها قبل مؤتمر صحفي مزمع يستعرض إنجازات الشرطة للعام 2015. لكن في محافظة الخليل وحدها جنوب الضفة، يؤكد الناطق باسم الشرطة في حديثه للجزيرة نت تلقي 1020 شكوى عام 2015، و922 شكوى مماثلة في العام الذي سبقه. وبين أن أبرز الجرائم المسجلة الابتزاز والتشهير والتهديد والسرقة، وفي أغلب الحالات تكون الضحايا فتيات، بحيث يقوم محتال بانتحال شخصية ما ويدخل إلى حسابها، ويحصل على صور الفتاة، ومعلومات عنها ويهددها بنشرها مما يضطرها لدفع المال. ورغم نجاح الوحدة المذكور، يشير الناطق باسم الشرطة إلى عقبة تتعلق بقانون العقوبات، إذ ما زال يطبق قانون العقوبات الأردني رقم 16 لعام 1960، ولا يعالج الجرائم المستجدة. وأوضح أنه يتم تكييف القضايا الواردة وفق طبيعتها من ابتزاز وتشهير وغيرها. وبما أن عقوبة هذا النوع من الجرائم لا تتجاوز الحبس ثلاثة أشهر أو غرامة لا تتجاوز خمسين دينارا أردنيا (سبعين دولارا) فإن الجدوى المأمولة من ملاحقة مرتكبيها هي التقدير بأن 95% من مرتكبيها لن يعودوا لارتكاب الجرائم بعد كشفهم. وتشير بيانات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الفلسطينية أواسط العام 2015 إلى أن 48.3% من الأسر بفلسطين لديها اتصال بالإنترنت، وأن نحو 63.1% منها تمتلك أجهزة حاسوب، وأن 53.7% من الأفراد (عشر سنوات فأكثر) يستخدمون الشبكة العنكبوتية، و75.1% من هؤلاء يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي. العاروري: أغلب الجرائم الإلكترونية ما تزال في مجال انتهاك الخصوصية والابتزاز (الجزيرة) تحديث القانون من جهته، يشير الخبير في قضايا الإعلام وحقوق الإنسان ماجد العاروري إلى أن أغلب الجرائم ما زالت في مجال انتهاك الخصوصية والابتزاز والتهديد، مشيرا إلى أن الجرائم المتعلقة بالحسابات المصرفية ما زالت محدودة، لكنه حذر من اتساع نطاق الجرائم في حال لم يُقر قانون عقوبات رادع. وقال العاروري إن الكثير من الجرائم الإلكترونية يمكن ملاحقتها بقانون العقوبات ساري المفعول رغم أنه قديم، ومع ذلك أكد الحاجة لإعادة النظر في هذا القانون بما يتناول هذه الجرائم بشكل صريح. وقال الخبير في قضايا الإعلام إن مئات آلاف الدولارات صرفت لتحديث قانون العقوبات على مدى أربع سنوات، إلا صدوره يتطلب انعقاد المجلس التشريعي وإقراره، خلافا لقوانين أخرى بإمكان الرئيس الفلسطيني إصدارها في غياب المجلس. ووفق العاروري فإن أغلب الجرائم المرتكبة حتى الآن تتعلق بالابتزاز والتهديد، مشيرا إلى أن اختراق الحسابات على شبكات التواصل يصنف على أنه انتهاك للحياة الخاصة كمن يدخل البيت عنوة أو للسرقة، ويمكن تكييفها قانونيا تحت هذا التوصيف، لكن الوعي العام ما زال غير مدرك لهذه القضية.