برنامج تلفزيوني سعودي قلب الطاولة في وجه الإعلام الإيراني وجعل وكالة «فارس» الإخبارية المقربة من النظام تحذر من تأثيره على المجتمع، وأعرب مستشار بوزارة الثقافة الإيرانية عن قلقه العميق حيال البرنامج ووصفه بالخطوة الأولى نحو «حرب ثقافية» ضد إيران، داعيا إلى ضرورة مواجهة هذا المخطط. البرنامج الذي بدأت تبثه قناة الإخبارية بعنوان« همساية» ، أي الجار، لم تقم بإعداده شركة إعلامية كبرى بملايين الريالات ولم يكتب وينفذ فكرته ومضمونه خبراء «أجانب»، هو محلي تماما في كل جوانبه، ولأن فكرته ذكية كان له هذا المردود السريع المزعج للنظام الإيراني. الفكرة بسيطة وعملية تتلخص في مكاشفة المجتمع الإيراني بحقيقة نظامه وبلغته استنادا إلى معرفة جيدة بما يجري فيه. البرنامج يسلط الضوء على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتدهورة والمعاناة المعيشية للمواطن بسبب السياسات الحمقاء للنظام. الدراسة التخصصية في الشؤون الإيرانية للدكتور محمد السلمي مع فريق عمل البرنامج جعلته ناجحا في تحقيق الهدف بسهولة لأنه يعرف ماذا يهم المجتمع الإيراني ويجيد اللغة التي يخاطبه بها، ولا يبالغ أو يزيف أو يختلق كما تفعل آلة الدعاية والإعلام الإيرانية. الآن بدأنا نخطو إعلاميا في الاتجاه الصحيح، مخاطبة المستهدفين وليس مخاطبة أنفسنا، وبالصيغة الإعلامية المناسبة لثقافتهم وبنيتهم النفسية والاجتماعية وليس من منطلق تصورنا الخاص لها الذي لا يكون صحيحا في بعض الأحيان. وكنا قد أشرنا في مقال سابق إلى المخطط الإعلامي الذي بدأته إيران منذ عام 2004 لتلميع صورتها القبيحة وتشويه الدول الخليجية والمملكة على وجه الخصوص، وكيف أنشأت لذلك قنوات ناطقة بالعربية واستقطبت عددا كبيرا من المرتزقة والعملاء في الوسط الإعلامي العربي، ودربت بعضهم في إيران لممارسة الكذب الاحترافي. المستشار الثقافي الإيراني يقول إنها حرب ثقافية ومخطط تجب مواجهته، وهنا لا ندري ماذا نقول لسعادة المستشار الذي أفرزته ثقافة التزييف في الإعلام الإيراني لأنه حتما يعرف من الذي بدأ المخطط منذ اعتلاء أول عمامة سدة الحكم في إيران لتصدير الثورة إلى الجوار بكل محتوياتها الرديئة وأهدافها البغيضة. الحقيقة موجعة يا سعادة المستشار، والقليل منها جعلكم تفقدون الاتزان، فكيف لو توالت الحقائق التي لن تستطيعوا حجبها عن شعبكم المقهور مهما كذبتم ومهما جندتم من عملاء.