تمتلك مدينة شنغهاي أكبر ميناء في العالم اليوم، بل 7 من أكبر 10 موانئ في العالم صينية بحسب إحصاءات عام 2013م. وفي شنغهاي كذلك أحد أحدث وأسرع القطارات في العالم وهو قطار الماقليف (Maglev)، أو القطار المغناطيسي المعلق والذي تصل سرعته إلى حوالي 430 كم في الساعة. وشبكة القطارات في الصين تمتد عبر أكثر من 112 ألف كم، وهي ثالث أكبر شبكة في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا. أما بالنسبة لخطوط القطارات السريعة فتحتل الصين المرتبة الأولى بأكثر من 16 ألف كم. ومن الطريف ذكره أن شبكة القطارات الحالية اتبعت بشكل كبير جداً الخطة التي وضعها سان يات سن، وهو الذي تبنى أيضاً فكرة إنشاء سد الممرات الثلاثة. الأمر الذي يقودني للحديث عن التحدي البيئي في الصين، والذي لا يقتصر على تلوث الجو. حيث تواجه الصين منذ قديم الزمن تحديات مع المياه، لعل أشهرها فيضانات النهر الأصفر المدمرة المتكررة. وسد الممرات الثلاثة يمثل أكبر محطة لتوليد الطاقة في العالم، ويعتمد على الطاقة المتجددة من جريان نهر اليانقتزي، لكن بناءه احتاج إلى تهجير ما يزيد على مليون مواطن من قراهم التي غرقت بعد إقامة السد. والمشروع الآخر والأكثر طموحاً الذي تنوي الحكومة الصينية القيام به هو مشروع إيصال المياه إلى الشمال من نهر اليانقتزي في الجنوب عن طريق عدد من القنوات، وهو الذي يمثل أحد أكبر المشاريع في التاريخ وتقدر تكاليفه بأكثر من 80 بليون دولار. ويستمر نمو الاقتصاد الصيني في اثارة الجدل بين الاقتصاديين، حيث يرى البعض أنه فقاعة في طريقها للانفجار السريع، ويرى آخرون بأنه يمثل خصوصية صينية وحالة جديدة تصعب مقارنتها بما سبق. بينما تشير التقديرات إلى أن استثمارات البنية التحتية في الصين والمحرك الرئيسي للنمو لن تتباطأ قبل عام 2035م، حيث ما زالت الكثير من المناطق ريفية ولم تصلها التنمية. وأصبح الاقتصاد الصيني من أهم محركات الاقتصاد العالمي، حيث ساهمت على الخروج من الأزمة المالية العالمية في عام 2008م عن طريق اجبار البنوك على استثمار مدخراتها في دعم مشاريع جديدة لتحريك الاقتصاد. بينما تزداد اتهامات المسؤولين بالفساد وحرصهم على إنجاز المشاريع التي توفر لهم الربح الشخصي، مما يشكل تحديا آخر كبير للحزب الحاكم. وفي مطار شنغهاي كانت اللوحات الإرشادية تفرق بين الرحلات الدولية والداخلية، والمناطق الخاصة وهي هونج كونج وماكاو وتايوان!. ومع تأكيد الحكومة الصينية على أن إقامة المجتمع المتناغم أحد أهم أهدافها، إلا أنها تواجه تحديات انفصالية مهمة من المناطق التي ضمت إلى الصين متأخراً خلال إمبراطورية التشينق. وهي لا تقتصر على تايوان التي تطمح الحكومة الصينية إلى توحيدها كدولة واحدة بنظامين على غرار هونج كونج، وقد يكون تحدي تايوان أسهل من غيره لأن غالبية سكانها من «الهان» الصينيين. أما تركستان الشرقية «|المسلمة» والتبت «البوذية» فسكانها من غير «الهان» وأقل اندماجاً مع المجتمع الصيني ويعانون من اضطهاد عرقي وديني مع أنها معلنة كمناطق حكم ذاتي. والتناغم على ما يبدو يعني الانصهار في الهوية الصينية، كما هو حال غيرهم من المسلمين والبوذيين في بقية الصين. ينقل عن نابليون بونابرت القائد الفرنسي الشهير أنه قال عن الصين «دعها تنم لأنها عندما تصحو من النوم سوف تهز العالم». وختاماً، ليس من الغريب أن نشاهد نهضة الصين الحالية، بل الغريب أنها تأخرت هذه المدة!