تشهد الصين عملية توسع عمراني بسرعة ونطاق لم يسبق لهما مثيل في التاريخ الإنساني، وفقاً لـ هيلين كلارك، رئيسة البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، مضيفة أن تحول ثاني أكبر اقتصاد عالمي لدولة بأغلبية حضرية استغرق 60 عاما فقط، مقارنة بـ 150 عاما في أوروبا و200 عام في أمريكا اللاتينية، بحسب الألمانية. وتنامت المخاوف على مدار العقد الماضي من أن كثيرا من المدن الصينية الكبرى فيها فقاعات عقارية، إلا أن بعض المحللين يعتقدون أن التدخل الحكومي المنتظم عزز الأسعار ومنع أي انهيار. وذكر ليو يوان تشون، وهو مختص اقتصادي في جامعة الشعب في بكين، أن ما يقدر بنحو 1.46 مليار متر مربع من العقارات السكنية لا يزال غير مبيع في الصين بنهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، أي ما يعادل حجم مبيعات البلاد في عشرة أشهر. وقال تشين دونج لين، المختص الاقتصادي في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، وهي مركز أبحاث حكومي، إن مسعى التحضر المتجدد من جانب الحزب الحاكم على مدار العقد المقبل سيطيل على الأرجح من الطفرة العقارية، مضيفاً أن التضارب الرئيسي هو بين طلب السوق والتخطيط الحكومي، معربا عن تأييده خطط الحزب في إعطاء دور أكبر لقوى السوق. ومنذ أن أصبح الرئيس شي جين بينج زعيما للحزب في تشرين الثاني ( نوفمبر) 2012، أعلنت الحكومة تدابير تهدف إلى خفض التفاوت في الدخل، وزيادة الاستهلاك، في إطار جهود الحزب لإعادة التوازن لثاني أكبر اقتصاد عالمي بعيدا عن اعتماده على الصادرات والاستثمارات في البنية التحتية. وتهدف الحكومة إلى زيادة الدخول وتشجيع الاستهلاك المحلي من خلال برنامج التحضر وبناء نظام رعاية اجتماعية أكثر قوة، وفي اجتماع عقد في منتصف الشهر الجاري، وعدت الحكومة بما وصفته مجلة كايشين الاقتصادية المؤثرة بتحول في نهج التوسع العمراني في البلاد من مشاريع البناء التي تشمل عملية هدم ضخمة إلى انتقال طبيعي أكثر تواؤما مع الناس. وقال شي في وقت سابق إن اختلال التوازن بين المناطق الريفية والحضرية يمثل عائقا رئيسيا للتنمية في الصين، مضيفا أن الحكومة ستطلق إصلاحات تسمح للمزارعين بتأجير أو رهن حقوق أراضيهم. ويشكل التحضر أو التوسع العمراني عنصرا مهما لتحقيق الحزب أهدافه الواسعة طويلة المدى من بناء مجتمع متناغم ومعتدل الثراء بحلول عام 2020، وفي نهاية المطاف مواصلة حكمه للصين، ويتوقع أن يحفز البرنامج الطلب على الاستثمار بما لا يقل عن 40 تريليون يوان (6.5 تريليون دولار) على مدار العقد المقبل. وتطور حكومات الأقاليم مئات من القرى إلى بلدات حديثة وتوسع بلدات المقاطعات لمدن، بينما تحاول الاستجابة لنداء الحكومة بمزيد من النمو صديق البيئة، إلا أنه في الوقت الذي تحاول فيه حكومات الأقاليم الحفاظ على النمو من خلال دعم الاستثمارات التي تقودها الحكومة في المشروعات العقارية ومشروعات البنية التحتية الكبرى، تراكمت الديون على الحكومات المحلية بما لا يقل عن 10.7 تريليون يوان (1.7 تريليون دولار)، وفقا لبيانات حكومية. وساهم ارتفاع الديون في اندلاع أعمال العنف خلال عمليات إخلاء قسري لإخلاء أراض لبيعها لمطورين عقاريين، وهو السبيل الرئيسي للسلطات المحلية لجمع أموال لدفع الديون، وتشير تقديرات الصين إلى أن عدد سكان الحضر قد تضخم إلى 710 ملايين نسمة، بينهم نحو 260 مليونا من المهاجرين من المناطق الريفية. ويتوقع أن ينتقل 300 مليون آخرون من سكان الريف إلى بلدات ومدن بحلول عام 2030، ليزداد معدل سكان الحضر بين مواطني الصين البالغ عددهم 1.35 مليار نسمة من 53 في المائة حاليا إلى 70 في المائة، ولكن يبقى أن معظم المهاجرين سيصبحون عاجزين جراء نظام تسجيل العقارات المثير للجدل هوكوو الذي يجعلهم سكانا مؤقتين دون الحصول على خدمات الإعانة الكاملة حتى بعد عقود من انتقالهم إلى المدن.