كشف تقرير أميركي حديث أن طهران تمكنت في الآونة الأخيرة من تشكيل لوبي إيراني، على غرار نظيره الإسرائيلي في الولايات المتحدة، مستفيدة في ذلك من وجود مليون ونصف المليون من مواطنيها في أميركا، يملكون نحو 400 مليار دولار، وأكثرهم نفوذا تلك المجموعة المرتبطة بصناعة النفط، حيث استطاعت إيجاد مصالح مؤثرة إلى درجة أصبحت لها منافع مالية لها أولوية على المصالح الوطنية الأميركية. وأشار تقرير "ساسة بوست" الأميركي الذي صدر قبل أيام، إلى أن جماعات الضغط هذه تعد أهم وسائل ممارسة العمل السياسي في الولايات المتحدة، حيث تميل بعض الدول إلى تمويل مؤسسات وجماعات لرعاية مصالحها في الولايات المتحدة، والتأثير على صناع القرار السياسي، واستمالة بعض الفاعلين، لافتا في هذا السياق إلى أن اللوبي الإيراني تمكن من تحقيق مكاسب بإزاء اللوبي الإسرائيلي الأوسع نفوذاً في أميركا، وأن هذه المكاسب توجت بتوقيع الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة دول"5+1"، ثم ضمان تمريره في الكونجرس. وحسب التقرير، فإن عددا من الخبراء يعتبرون أن نائب وزير الخارجية الإيراني الأسبق، صادق خرازي، الذي أقام في الولايات المتحدة خلال الفترة من 1989 وحتى 1996، هو مصمم اللوبي الإيراني في أميركا، وأنه أخذ يربط بين مؤسسات غير حكومية، ومنظمات سياسية ومدنية، وشركات تجارية لها مصالح اقتصادية مشتركة مع النظام الإيراني. مشيرا إلى أن نشاط اللوبي الإيراني تعاظم في عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي، ثم تراجع نشاطه في عهد نجاد، لكن مع وصول روحاني للسلطة في يونيو 2013 زاد نشاطه وتحركاته في أوساط الجالية الإيرانية، وذلك بهدف استغلال الحماس القومي لديهم، وتجنيدهم للعمل لصالح سياسات النظام وأهدافه، لافتا في هذا السياق إلى أن عددا كبيرا من الإيرانيين يعيشون حاليا حول لوس أنجلوس، لذلك أطلق عليها البعض طهران أنجلوس أو إيران أنجلوس، كما تضم كلّا من بيفرلي هيلز وإرفاين أكبر الجاليات الإيرانية، وهو ما يفسر وصول جيمي جامشيد دلشاد، وهو أميركي من أصول إيرانية، إلى منصب عمدة لبيفرلي هيلز في عام 2007، ثم أعيد انتخابه في 2010. مهام اللوبي الإيراني يؤكد التقرير أن اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة، يؤدي مهمة رئيسة تتمثل في الدفاع عن نظام طهران، وتحسين صورته في أميركا، وكما قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تصريحات إعلامية سابقة، إن طهران لديها جالية كبيرة ومتعلمة في الولايات المتحدة، وأنهم بمثابة ثروة لإيران، حيث يستطيعون الدفاع عن مصالحها، ولا يسمحون بفرض النظرة العدائية ضد بلادهم في الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. ووفقا لعدد من الباحثين والمحللين للشأن الإيراني، فإن الهدف الأساسي للوبي هو إقناع الإدارة الأميركية وأصحاب القرار في الكونجرس بضرورة بقاء نظام الجمهورية الإسلامية والتسوية معه حول تقسيم النفوذ في الشرق الأوسط، وصيانة المصالح الأميركية، إضافة إلى أهداف أخرى منها تشويه صورة دول الخليج العربية، بزعم أنها سبب عدم الاستقرار في المنطقة، وليس إيران. ومن المهام التي قام بها اللوبي الإيراني أيضا، الدفاع عن الاتفاق النووي في مواجهة الانتقادات داخل أميركا، حيث أخذ - خاصة في واشنطن - يدعو إلى إسقاط العقوبات بشكل غير مشروط عن إيران، وبالتحالف معها، وقام من أجل ذلك بالعديد من النشاطات كالندوات، وإصدار الدراسات، وعقد المؤتمرات، ونشر المقالات في الصحف المتنوعة، وإقامة الصداقات مع باحثين وخبراء أميركيين. التمويل والاستقطاب يجمع اللوبي الإيراني أمواله من التبرعات والدعاية والضغط والعلاقات مع الكبار، بعض هذه الأموال تستخدم لمكافأة الأكاديميين الذين يكتبون ما يرضي ساسة طهران، والمؤسسات التربوية التي تصدر دراسات تخدم مصلحة طهران. ويؤكد تقرير نشرته مجلة "تابلت" أن الغالبية العظمى من تمويل هذا اللوبي تأتي من دعم المجتمع المحلي، بينما يأتي جزء من المؤسسات، مثل صندوق بلاوشيرز الذي أنفق ملايين الدولارات للتأثير على سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران. ويشير التقرير إلى فارق كبير بين اللوبي الصهيوني ونظيره المؤيد لإيران، حيث الأول يصرف شيكات تصله في العلن من دولة الاحتلال، بينما الثاني لا يفعل هذا خشية الرأي العام الأميركي الذي لا يحب إيران. منافسة اللوبي الإسرائيلي مع بدء الصفقة النووية مع إيران شن اللوبي الإيراني حملة ضد إسرائيل والمجموعات المؤيدة لها في البيت الأبيض، مستهدفا في ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أبرز المعارضين للاتفاق. وفي هذا السياق، قال مؤسس ورئيس المجلس الوطني الإيراني الأميركي "NIAC"، تريتا بارسي، إن اللوبي الإيراني الذي أنشئ حديثا، تفوق على نظيره الإسرائيلي المعروف داخل الولايات المتحدة، وذلك بالتحالف مع تيارات داخلية أخرى. وفيما أيقن قادة اللوبي الإسرائيلي بحقيقة تراجع دورهم لصالح طهران، قال المتخصص في الشؤون الأميركية،عوزي برعام، "نتنياهو يحارب الإدارة الأميركية وأوباما في وطنه وبين شعبه، فالمعضلة التي يقف أمامها اللوبي الصهيوني واليهود الأميركيون هي ازدواجية الولاء، بين مستقبل دولتهم إسرائيل، ومصالحهم في الولايات المتحدة، وهؤلاء اليهود الذين اندمجوا داخل المجتمع الأميركي". وأضاف "إصرار نتنياهو على استخدام اللوبي الصهيوني، واليهود عموما كورقة ضغط على الإدارة الأميركية، سيهدد مستقبل مصالح اليهود في الولايات المتحدة".