أعاد إعلان نتائج التحقيق في حريق مستشفى جازان الصحة إلى الواجهة مرة أخرى وفتح جرحا غائرا في جسد هذه الوزارة المنهك أصلا والذي يعاني من الهرم والهزال وفقر الدم والحاجة إلى العلاج الاكلينيكي لكل أوجاعها المستعصية. الجميل في الموضوع هو الشفافية في إعلان النتائج وعدم اللف والدوران في تحمل وتحميل المسؤولية لمن يستحقها وهذا ملمح خفف من هول الكارثة.. هذا القطاع الذي بقي فيه أحد الوزراء أكثر من 15عاما متتالية، تعاقب على هرمه خمسة وزراء في غضون سنة أو نيف، وهو ما يشير إلى حجم الصعوبات والمتناقضات التي تكتنف هذا القطاع. يجب أن لا نعول على الوزير على وجه العموم أو نحمله ما لا يحتمل؛ لأنه أصبح «الجدار القصير» في كل أدبياتنا الاجتماعية في السنوات الأخيرة، ونقطة التشفي وفش الخلق، إلا إذا كنا لا نعرف مكمن الخلل وموقع الإصلاح، وكل هذا يجري فيما التجاوزات تنخر طبقات وظيفية من دونه، وهم منا وفينا يأكلون معنا ويتباكون مع بكائياتنا بل ويدعون بالويل والثبور في أروقة هذه الوزارة وخارجها. أزمة الصحة أزمة متجذرة، فهي ليست أزمة كوادر ولا أزمة مال، وإنما أزمة رؤية وبرامج وأنظمة وسياسات عامة. مهمة تغيب عنها الرقابات المالية والإدارية الفعالة، فبرامجها وخططها ومؤشراتها ليست قابلة للمناقشة أو المساءلة أو المحاسبة، وهي وزارة الصحة الوحيدة في العالم التي تخطط وتنفذ وتشغل في آن واحد، ولا تخضع للمساءلة أو المحاسبة على إنجازاتها وبرامجها ومدى تحقيقها لمؤشراتها العامة - إن كان ثمة مؤشرات - فقد بقيت مرافقها الصحية بعيدة عن الاشتراك في مؤسسات الاعتماد الصحي المعروفة لكي لا تظهر أوضاعها الصحية، كما ظلت سياسات الوزارة مركزية وخليطا من أساليب ومدارس صحية متناقضة أحيانا ومتضاربة أحيانا أخرى، ويتم الانتقال من نموذج صحي إلى آخر كمن يغير ثوبه أو قميصه وبطريقة القص واللزق، فأصبحت فاقدة للهوية الصحية، وظل تعيين الممرض وشراء السماعة يرتبط بسلسلة طويلة تنتهي برأس الهرم عبر 9 مستويات وظيفية، وفي الوقت نفسه فهي غير قادرة على التحكم بمفردات عملها ومتطلباتها بسبب الأنظمة البيوقراطية التي تتقاطع مع نظامها المالي والإداري، فكما هي جانية هي للأمانه مجني عليها أيضا، وليس أدل على ذلك مما قاله الوزير الأسبق «أسامة شبكشي» عندما ذكر في لحظة تجلي أن موظفا بالمرتبة السابعة في وزارة المالية يستطيع أن يوقف معاملة وزير !! Alholyan@hotmail.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات، 636250 موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 161 مسافة ثم الرسالة