مع دنو موعد الانتخابات التمهيدية في السباق الرئاسي الى البيت الابيض شهدت مناظرة الجمهوريين أمس الخميس تغييراً في اللهجة وخصوصاً بين المرشحين الابرزين دونالد ترامب وتيد كروز اللذين تخليا عن المجاملات المعتادة. وبعد اشهر من الحملات العشوائية تنافس فيها اكثر من عشرة مرشحين على امل لفت الانتباه، كانت المناظرة التي تمت في كارولاينا الجنوبية مختلفة عن السابق اذ بات التركيز اوضح على اهمية اختيار مرشح للحزب "الجمهوري". واحتكر ترامب وكروز الذي يتقدم استطلاعات الرأي في ايوا الولاية الاميركية الاولى التي ستبدا فيها الانتخابات التمهيدية في الاول من شباط (فبراير)، حيزاً من المناظرة التي تحولت الى مشادة تجاهلا فيها المرشحين الآخرين في بعض الاحيان. وفي انتظار نتائج الانتخابات التمهيدية التي سيتواجه فيه المرشحون في 8 تشرين الثاني (نوفمبر)، فإن استطلاعات الرأي لا تزال تظهر تقدماً واضحاً للملياردير ترامب الذي يتصدر مع 33 في المئة من نوايا التصويت في مقابل 20 في المئة لكروز و13 في المئة لسناتور فلوريدا ماركو روبيو، وفق آخر استطلاع اجرته "ان بي سي دبليو اس جاي". وعلق ترامب الفخور بأدائه "كم احب هذا الاستطلاع". وركز المرشحون السبعة المتفقون على انتقاد السياسة الخارجية للرئيس الاميركي باراك اوباما هجماتهم على هيلاري كلينتون المرشحة الاوفر حظاً في المعسكر الديموقراطي واعتبر جيب بوش نجل وشقيق رئيسين اسبقين ان وزيرة الخارجية السابقة ستكون "كارثة" للامن القومي الاميركي. وقال روبيو ان "كلينتون لم تعد مؤهلة لتكون القائد الاعلى". لكن المناظرة شهدت قبل ذلك تبادلاً للهجمات الحادة. فقد اخذ دونالد ترامب على كروز ولادته في كندا وقال ان ذلك يحرمه من الحق في تولي الرئاسة. وما كان من كروز سوى ان علق بأن ترامب يشعر بالهلع لتراجع ادائه في استطلاعات الرأي في ايوا وأنه قرر اختلاق ازمة للاحتفاظ بالمرتبة الاولى. وقال كروز "في ايلول (سبتمبر)، اكد لي صديقي دونالد ان محاميه راجعوا الملف من كل نواحيه وأنههم لم يعثروا على اي مشكلة". وأضاف "الدستور لم يتغير منذ ايلول (سبتمبر)، بعكس ارقام الاستطلاعات... ودونالد مستاء لتراجع ادائه في ايوا". ورد ترامب "هناك علامة استفهام كبيرة على ترشيحك، لا يمكنك القيام بذلك ازاء الحزب". وبحركة من يده، استبعد ترامب عرض كروز ان يعينه نائباً للرئيس وقال "اذا لم انجح سأعود الى مجال البناء". وانطلق كروز سناتور تكساس في انتقاد مطول "للذهنية النيويوركية" اليسارية بنظره لدى ترامب الذي استهجن ما اعتبره "اقوالاً مهينة". ورد قائلاً ان "نيويورك مكان رائع"، مشيداً وسط التصفيق برد فعل السكان بعد اعتداءات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 "عندما تهدم مركز التجارة العالمي ما رأيته لا يمكن ان يحصل في اي مكان آخر في العالم"، في اشارة الى اعادة بناء مانهاتن. وقبل المناظرة، خرق قادة "الحزب الجمهوري" هذا الاسبوع الحياد النسبي الذي كانوا يلزمونه حيال المرشحين، مع اختيارهم نيكي هايلي، اصغر حاكمة ولاية في البلاد (43 سنة عن كارولاينا الجنوبية) لإلقاء خطاب الحزب رداً على كلمة الرئيس باراك اوباما السنوية حول حال الاتحاد. وكانت هايلي صرحت هذا الاسبوع في اشارة واضحة الى ترامب كما أقرت بذلك في اليوم التالي "ايظن البعض انه يكفي ان يكون الشخص الاكثر صخباً من اجل تغيير الامور"، مضيفة "ان افضل ما يمكن القيام به في غالبية الاحيان هو خفض الصوت". ورد ترامب بالقول "لم انزعج للأمر فقد قالت الحقيقة. ليس لدينا حدود وبلدنا تديره مجموعة من الاشخاص العديمي الكفاءة" مضيفاً "انا اشعر بالغضب الشديد". والسبب الفعلي لرفض مسؤولي "الحزب الجمهوري" لدونالد ترامب هو انهم يعتبرون انه ليس افضل مرشح لرص صفوف اليمين والوسط في الانتخابات ضد هيلاري كلينتون الاوفر حظاً لنيل ترشيح "الحزب الديموقراطي". كما انهم يخشون حصول الأمر نفسه بالنسبة إلى الانتخابات التشريعية التي ستجرى بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية وعلى نفس بطاقة الاقتراع. ويقوم الناخبون عادة باختيار كل المرشحين الجمهوريين المدرجين على بطاقة الاقتراع في حال كان اسم المرشح للانتخابات الرئاسية في اعلى البطاقة يروق لهم. لكن سياسياً، يساهم لجوء مسؤولي الحزب الى مثل هذه الوسائل ضد ترامب، في تعزيز صورته كمرشح معارض للمؤسسات.