باريس أ ف ب خَسِرَ الرئيس الفرنسي الاشتراكي مُجدَّداً القسم الأكبر من شعبيته، في وقت يتواصل بروز رئيس الحكومة، إيمانويل فالس، والمسؤول السابق، آلان جوبيه. وبعد اعتداءات باريس الدامية في 13 نوفمبر الماضي؛ ارتفعت أسهم فرانسوا هولاند، لكن مشكلات البطالة المستمرة والإخفاقات السياسية عاودت الخصم من رصيده. وكانت شعبيته حققت ارتفاعاً لافتاً في أعقاب الهجمات لتصل إلى مستوى غير مسبوق منذ صيف 2012، ثم عادت إلى هبوطٍ حاد في يناير الجاري، ما قد ينعكس على حزبه في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2017. وتراجع عدد المؤيدين للرئيس إلى 22% بحسب استطلاع معهد «يوغوف»، مقابل 23% يثقون به لتسوية مشكلات البلاد بحسب استطلاع «إيبسوس- سوفريس- وان بوينت»، و29% يؤيدون عمله كما ورد في استطلاع «إيبسوس- لو بوان». وسُجِّلَت ظاهرة مماثلة بعد اعتداءات يناير 2015 التي أوقعت 17 قتيلاً في باريس، حيث أيَّد المواطنون في بادئ الأمر رد السلطة التنفيذية على الخطر الإرهابي، قبل معاقبتهم لها لاحقاً على عدم تحقيقها نتائج اقتصادية واجتماعية. وعلَّق جيروم فوركيه من معهد «إيفوب» بقوله «إنها ظاهرة شبه تلقائية»، ملاحظاً أن «المآخذ الكبرى والعميقة على الرئيس تعود إلى الأذهان، ويعود التداول في مسائل البطالة والوضع الاقتصادي والتعهدات التي لم تتحقق». لكن المشكلات «الاعتيادية» تقترن هذه المرة، وفقاً لفوركيه، بـ «عودة الأخطاء وشياطين الماضي على رأس السلطة التنفيذية، وإحساسٍ بقصورٍ في هيبة السلطة وبعدم الاحتراف والارتجال». ومن المسائل التي أجَّجت الخلافات إصلاحٌ دستوري ينص على توسيع نطاق قانون إسقاط الجنسية، لينطبق على حاملي جنسيتين مولودِين في البلاد في حال إدانتهم بالإرهاب، وهو ما طالب به الرئيس وأيده مواطنون، لكن اليسار عارضه، فيما أصدرت الحكومة بشأنه الكثير من التصريحات المتعارضة. وأثار الأمر بلبلة جعلت الرئيس يخسر قسماً من مصداقيته ومن هيبته الرئاسية، برأي فوركيه. ويظهَر القلق داخل المعسكر الحاكم، إذ أقرَّ سكرتير الدولة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، جان ماري لوغين، بأن «الوضع صعب للغاية». في الوقت نفسه؛ تجد الحكومة صعوبة في إقناع الرأي العام بفاعلية تدابير جديدة تتخذها لتحفيز الوظائف، في وقتٍ جعل هولاند من التغلب على أزمة البطالة شرطاً للترشح لولاية رئاسية جديدة. ويؤمن نصف مواطنوه فقط بجدوى التدابير المطروحة، مثل تنظيم دورات إعدادية للعاطلين عن العمل وإقرار مساعدة جديدة للشركات التي توظِّف، وفق تحقيق أجراه معهد «أودوكسا» ونُشِرَت نتائجه الخميس. وبلغت الريبة حداً حمل عدداً من المثقفين على المطالبة في مطلع الأسبوع بانتخابات تمهيدية في اليسار قبل الرئاسيات. ورد وزير الدفاع، جان غيف لو دريان، بانتقاد هذه المطالبة، ووصف هولاند بـ «مرشح اليسار الطبيعي»، مستبعداً احتمال تنظيم انتخابات تمهيدية. وعلى الساحة السياسية؛ يبدو كل من آلان جوبيه في اليمين ورئيس الوزراء، مانويل فالس في اليسار الأكثر أهلية ليكون «رئيساً جيداً للجمهورية»، متقدمَين على هولاند ونيكولا ساركوزي، وفق استطلاع للرأي أجراه معهد «فيافويس» لحساب صحيفة «ليبيراسيون» اليسارية ونُشِرَت نتائجه الخميس.