×
محافظة المنطقة الشرقية

عشرات الفائزين في ثالث سحوبات مهرجان «البحرين تتسوق»

صورة الخبر

مع تدني أسعار البترول والبحث عن البدائل وحرص أهل التخطيط على البحث عن موارد تردف الإيرادات العامة التي تزيد من دخل وموازنة أي دولة، يبرز أمامي أحد الموضوعات التي تسابقت فيها دور البحث والجامعات للاستغناء عن موارد الدولة، ولو بنسب ضئيلة تتنامى مع مرور الأيام، يبرز الوقف بأنواعه وأشكاله وقيمته وحدود الانتفاع منه، وأعجبني توجه أصحاب رؤوس الأموال ورجال الأعمال الميسورين إلى تفعيل الوقف بما يعود نفْعه على المجتمع، خصوصا بناء المستشفيات وتشييد الجامعات ودور الملاحظة والعجزة وكبار السن، وعندما نرجع إلى تعريف الوقف نجد أن من مفرداته تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، وهذا ما أدركه الخيّرون من أبناء هذه البلاد كما فعل أسلافهم على مر الحضارة الإسلامية، وليس عنَّا ببعيد وقف الملك عبدالعزيز -رحمه الله- والذي يصرف منه على الحرمين الشريفين، رأينا تلك السنابل السبع، أعني الفنادق التي تطُلّ على الحرم ووصفها وزير الشؤون الإسلامية بالسنابل السبع، لأن الإنفاق منها تضمنتها الآيات في القرآن بهذا الوصف "أنبتت سَبعَ سنابل في كلّ سنبلةٍ مائة حبّة والله يُضاعف لمن يشاء"، ونشاهد اليوم هذا الوقف الذي يدرُّ على الحرمين وتوسعتهما وصيانتهما والعاملين عليها بما يمكُنّه -بإذن الله- من الاستغناء عن ميزانية النفط ومصاريف الجهات الحكومية، ورحم الله الملك عبدالله الذي فكر حينها وأدرك أن منافع الوقف تتعدى بناء المساجد وإفطار الصائم والأضحية والحرمين الشريفين وصيانتهما، وأن ريع الوقف سَيطال حتى خدمة الحجاج فيما بعد بحول الله، إننا اليوم أمام منظومة الوقف بكامل أبوابها الخيرية من بناء الجامعات وتشييد المدارس ورعاية الأيتام وصناعة برامج للدعوة وبناء المساجد في الخارج، وغير ذلك من المشاريع التي يحتاجها العالم الإسلامي فضلا عن المملكة وأهلها، ولعل الشَّيء بالشيء يذكر، ففي حضارتنا منارات هدى لمن أراد أن يجعل قدوته في تنفيذ هذه الأوقاف كوقف عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وما فعله بعض الصحابة الآخرين بعد فتح خيبر عندما أشار عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله "حبّس أصلها وسبَّل ثمرتها"، وكذلك وقف زبيدة المشهور في مكة المكرمة لخدمة الحجاج وما زالت آثارها مشهودة إلى اليوم، وعلى جامعاتنا ودور البحث العلمي والمؤسسات العلمية أن ترفع من ثقافة المجتمع ووعيه بالوقف ومنافعه وعقد ورش عمل مع المتخصصين من أهل الاقتصاد والعلم الشرعي حتى يبصّروا الناس بمنافع وطرق الوقف، ويؤكدوا لرجال الأعمال وأهل المال أن ما يبقى هو خير مما يفْنى، وقد أعجبني حديث للدكتور عصام كوثر رئيس الوقف العلمي في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الذي أوضح أن برنامج الوقف لم يقتصر على تشييد المساجد ودور الحضانة وإنما تعدى لدينا ذلك إلى إقامة برامج للعلاج ومستشفيات، ومعاهد تقوم بالبحث العلمي وتقيم الدورات العلمية لخدمة المجالات المتعددة التي يعود نفعها على الجامعة وطلابها وعلى المجتمع ككل، إذ إن منافع الوقف تتعدى الموقف إلى بناء المجتمعات التي امتدت عبر العصور وأضاءت حضارتها العالم، وذكرت منها بعض الأمثلة الشاهدة على مر التاريخ الإسلامي، وقد أسعدني ما صدر أخيرا من تحويل وكالة الأوقاف في الشؤون الإسلامية إلى هيئة عامة سيكون دورها، بلا شك، تتبّع الوقف والرَقي في التعامل معه وعدم إهماله، ومتابعة الناظرين على الأوقاف ومحاسبتهم، وتشكيل مجالس نظارة تهتم بالوقف، ولعلكم تذكرون ما أعلن عنه سابقا من وضع مكافأة للذين يدلون بمعلومات أو يتعرفون على الأوقاف حتى يتم تسجيلها رسميا، ولعل منارة الهيئة وعملها القادم سيكونان مؤسسين تحت نظارة متخصصة تجمع العلماء والخبراء وأهل الاختصاص، ليكون الوقف موردا يغنينا نسبيا عن النفط، والله الهادي إلى سواء السبيل.