ثمة تسمية كان (الأولين) من العامة والخاصة يطلقونها على أي منشأة طبية.. تتعامل مع صحة الإنسان وعلاجه.. وهي تسمية: صحية أو الصحية (أبروح للصحية) كمستوصف الفوطة في الرياض مثلاً.. وبالنسبة لسكان الظهيرة والغراوية يذهبن النساء مشيا على الأقدام للصحية (مستوصف الفوطة) أما بالنسبة للأحياء البعيدة.. كالقرينين والعجلية.. فنقوم نحن الصغار آنذاك بإيقاف تكسي (طلب ابو ريالين) عندما تريد إحداهن الذهاب للصحية.. وفي العادة يذهبن أكثر من واحدة (بَكيج) بعد أن يلتمسن عذرا للذهاب.. فإن لم تجدن.. وكانت صحتهن جيدة.. يكون المشوار تمشية والسلام.. قَلَ أو كَثُرَ من سيذهب للصحية.. فعلى كل حال ريالا تكسي الطلب مدفوعة.. ما علينا.. وهناك شابان صغيران كانا محور اهتمام سكان العطايف والظهيرة في التسعينيات الهجرية من القرن الماضي.. الأول ويُعرف ب (السبهة) كان مسالما ومنطويا على نفسه ويُستغل ويُضرب من الجميع.. وتُنسج حوله الحكايات.. ومنها انه مسكون بجنية من أهل الأرض عشقتهُ ودخلت فيه.. فتجده دائما يمشي في الطرقات لا يلوي على شيء.. أما الآخر فلا يُعرف إلا باسم الموذي.. فأذيته طالت كل شيء.. بما في ذلك الحيوانات والحرث والزرع (على قلته) وقد كان كبار السن المتزوجين يُطلقون عليه (نزغة شيطان) وهي جملة لا يعرف معناها صغار السن آنذاك.. وإلى الآن أيضا.. ويكتنف الغموض الكثير من أخبار السبهة والموذي.. لذا تبرز أخبار مختلقة عنهما.. ويُروج لها في غياب المعلومة الصحيحة.. كما هو معروف.. وكلام الناس أو وكالة (قالوا) أو كما يقول عادل إمام (الدليل آلو لو) كانت نشطة فيما يتعلق بالسبهة والموذي.. فاختُلقت الكثير من الحكايات والقصص.. كقول البعض ان دخول جنية في السبهة ليس صحيحا.. وسبب تسميته بالسبهة هو وقوعه في حب بنت سمراء من بنات الحي.. تمنعت عنه وصدته.. ولم تبادله شعور الحب.. وعند البحث عنهما (السبهة والموذي) لابد أن تجدهما في داخل مستوصف الفوطة أو في محيطه.. فالسبهة يكون في العادة مستنداً على جدار المستوصف.. واجمٌ وشارد الذهن.. ينظر إلى المدى البعيد.. بعينين يكسوهما الحزن في انتظار المجهول.. ومستقبل يحمل في طياته الكثير من البؤس والشقاء.. أما الموذي فتجده يجري خارجاً من المستوصف.. وهو يحمل حقنة ملوثة سرقها من غرفة الضماد.. في غفلة من الممرضة زبيدة.. وهي تجري خلفه أو في ساقته.. محاولة الإمساك به.. وهي تقول: أوعا.. سيب البتاع.. أمام مراجعي الصحية.. رجالا ونساء وأطفالا.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله. * مستشار سابق للطب الوقائي في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية