يتردد أن تلفزيون فلسطين كان حاضراً في مدينة رام الله حين دوّت تلك الصفعة التي وجهها النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني جمال أبو الرب الملقب في الأوساط الفلسطينية بـ «هتلر» للواء جبريل الرجوب. لا أحد يعلم مصير المادة المصورة، فالكاميرا كانت حاضرة لأن الرجوب كان على موعد مع وزير الخارجية الصيني الذي زار الأراضي الفلسطينية أخيراً، ويشكل حضور تلفزيون فلسطين أمراً بديهياً لا يمكن الاستغناء عنه. السؤال عن مصير المادة ليس مهماً، فمن السهل إتلافها، ولكن يغدو السؤال مهماً حين يتصل بالكاميرات الأخرى التي كانت هناك، فالأكيد أن تلفزيونات وفضائيات أخرى كانت موجودة في أحد أكبر فنادق رام الله بهدف تغطية اللقاء المفترض. يقول «هتلر» معلقاً على إشاعة سرت في أوساط السلطة الفلسطينية إن وسائل الإعلام تصب الزيت على النار وتضخم موضوع اعتقاله معتبراً أنها تؤذي مشاعر الشعب الفلسطيني. ولا شك في ان تداعيات الصفعة المتدحرجة في الأوساط «الفتحاوية» لها أكثر من رنة على أكثر من صعيد، فقرار الرئيس الفلسطيني بإقالته، جوبه برفض المجلس الثوري لحركة «فتح» الذي يدرك الصدمة العشائرية التي يمكن أن تنتج من ذلك، وبخاصة أن أكبر تنظيم فلسطيني بات يشهد استقالات جماعية اعتراضاً على مثل هذا القرار الذي يعدّه جمال أبو الرب غير قانوني ولا يستند إلى النظام الداخلي للحركة. بغض النظر عن تفصيل من هذا النوع، فليس من اختصاص هذه الصفحة سوى السؤال عن مصير المادة المصورة التي تصلح أن تكون عنواناً فرعياً دسماً لكيفية صناعة الهويات الصغيرة و «القاتلة» حين تضطر شخصيات قيادية من هذا النوع للجوء إلى العشيرة والقبيلة والاحتماء بها من سلطة القانون. وليس مغزى ذلك أن هذا يشكل دفاعاً في شكل من الأشكال عن سلوك الرجوب الذي تعرض قبل شهرين لـ «هتلر» بالضرب، ما دفع الأخير الى تحيّن الفرصة والانقضاض عليه وهو في انتظار وزير خارجية دولة عظمى. الكتابة عن الصفعة وليس عن صورتها قد تشكل مدخلاً لمذكرات «هتلر» الجديد يختصر فيها «كفاحه» الشخصي والقيادي عبر المنصب الذي يتبوأه، وهو أمر لا يدعو الى السخرية، ولكن ثمة ما يدفع الى التفكير به. فقبل عقدين، تقدم كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بقرار استقالته الطوعية الى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي سأله عن طبيعة العمل الذي سيقوم به بعد الاستقالة، فما كان من عريقات إلا أن أجاب بأنه سيتفرغ لكتابة مذكراته. والجميع يعرف أن عرفات قال له مبتسماً إن مذكراته ستكتب في نصف ساعة، وسيصبح بعدها عاطلاً من العمل.