×
محافظة الرياض

«الصوارمة» تحتضن جثمان الشهيد «جبران»

صورة الخبر

فشل ائتلاف الأغلبية في البرلمان المصري في فرض أجندته على أول مجلس تشريعي في البلاد بعد ثورة 30 يونيو (حزيران). وأحبط نواب في البرلمان مساعي قادة الائتلاف في العمل دون اللائحة الحالية، وإرجاء تشكيل اللجان النوعية، وسط خلافات حادة وحالة من الفوضى، تقرر على أثرها تعليق بث الجلسات على الهواء مباشرة، فيما تقدم أحد النواب باستقالته احتجاجًا على إدارة الجلسات. ويعتقد مراقبون أن مجلس النواب لن يكمل دورته البرلمانية بعد أن ظهر تصدع مبكر بائتلاف دعم الدولة وفقدانه «الأغلبية الميكانيكية». وسادت جلسة البرلمان التي استمرت حتى ساعة متأخرة من مساء يوم أول من أمس خلافات حادة بعد محاولات قادة ائتلاف دعم الدولة تعليق العمل باللائحة والاكتفاء بالسوابق والأعراف البرلمانية في إدارة الجلسات، الأمر الذي يسمح للائتلاف أيضًا بإرجاء انتخابات اللجان النوعية. وعلى خلفية الاحتجاج على حالة الفوضى التي سادت الجلسات، تقدم عضو المجلس كمال أحمد باستقالته، معلنًا رفضه للطريقة التي تدار بها الجلسات، كما وجه النائب سري صيام خلال جلسة أول من أمس انتقادات حادة لرئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال. وقال النائب المستقيل، في تصريح صحافي عقب تقديمه الاستقالة لأمانة المجلس، إنه استقال اعتراضًا على طريقة إدارته (البرلمان)، وتصرفات كثير من النواب، واصفًا جلسة يوم الاثنين الماضي بأنها «شادر بطيخ، وليست مجلس نواب». وتابع: «ما حدث من بعض النواب، ناتج عن تدني أدب الحوار، وهو ما أدى إلى ظهور جلسة أمس بذلك الشكل»، لافتًا إلى أنه لن يعدل عن قراره، وأن «الاستقالة مسببة بظروف صحية». وسعى قادة ائتلاف الأغلبية بالتنسيق مع الحكومة، بحسب نواب في البرلمان تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، إلى توزيع عدد من النواب على 6 لجان مؤقتة للنظر في القوانين التي وضعت خلال عهد الرئيس السابق عدلي منصور، والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، لكتابة تقارير بشأنها وعرضها على المجلس، دون مشاورة أو توافق مع نواب المجلس. ويلزم الدستور البرلمان بالنظر في القوانين التي صدرت في غيبته وإقرارها أو رفضها خلال 15 يومًا من انعقاده، وفي حال عدم عرض تلك القوانين على المجلس تعد ملغاة، ويزول ما كان لها من قوة القانون بأثر رجعي. ورفض نواب في المجلس تمرير اقتراح قادة الائتلاف، وتمسكوا بالعمل باللائحة الحالية للمجلس، لحين إقرار لائحة جديدة، وقال السادات لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن أعضاء المجلس توافقوا على المقترح الذي تقدم به لتشكيل اللجان النوعية التي توزع عليها قرارات القوانين (التي صدرت في غيبة البرلمان) كل حسب تخصصه. وفي مسعى لتجاوز الخلافات، قرر المجلس تشكيل اللجان النوعية دون إجراء انتخابات، بحيث يرأس اللجنة أكبر أعضائها سنًا ويتولى أمانة السر أصغرهم. وأضاف السادات أنه «تم أيضًا حسم موضوع العمل باللائحة القديمة لحين تشكيل لجنة خاصة سيكون منوطًا بها وضع لائحة جديدة للمجلس، لكن الأولوية الآن هي النظر في القوانين التي صدرت قبل انتخابات البرلمان». وأصدر الرئيسان منصور والسيسي أكثر من 300 قانون منذ يوليو (تموز) 2013، يجب على المجلس النظر فيها خلال 12 يومًا. ومن بين هذا العدد الضخم يوجد نحو 10 قوانين هي الأكثر إثارة للجدل، على رأسها قانون التظاهر، وقانون الخدمة المدنية، وقانون الإرهاب. وقرر المجلس تعليق البث المباشر لوقائع الجلسات، وقال رئيس المجلس الدكتور عبد العال إن أعضاء تقدموا بطلب وقف البث الأمر الذي قوبل بعاصفة من التصفيق من معظم النواب. وقال السادات وهو نائب مخضرم، إن «القرار مؤقت، وجاء نتيجة ما شهدته الجلسات.. بعض النواب حديثو العهد بالمجلس وقليلو الخبرة، والقرار جاء للحفاظ على المجلس وهيبته ومراعاة للتقاليد»، مؤكدًا عودة البث المباشر في أقرب وقت «من أجل ترسيخ حق الشعب في متابعة أداء نوابه ومحاسبتهم». لكن الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة قال لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار منع البث على الهواء كان مثارًا حتى قبل انعقاد أولى جلسات المجلس.. هذه نية مبيتة ولا شأن لها بالفوضى التي سادت الجلسات الأولى». وأضاف نافعة أن «هناك حرصًا على أن لا يظهر أن هناك خطًا معارضًا للسلطة التنفيذية داخل المجلس، خصوصًا في ظل عدم قدرة ائتلاف الأغلبية على تمرير تصوراته، هذا البرلمان مختلف لا يوجد به أغلبية ميكانيكية.. البرلمان مختلف ليس لأنه الأفضل، ولكن لأنه ولأول مرة لا يوجد به مايسترو يقود الأغلبية.. هذا لن نراه من جديد، لذلك أتوقع أن لا يكمل هذا البرلمان دورته (خمس سنوات)». وفي أول تعليق له على قرار وقف بث الجلسات، قال رئيس مجلس النواب، إن قرار المجلس راعى أهمية إنجاز القرارات بقوانين التي صدرت في غياب البرلمان خلال 15 يومًا وفقًا للمادة 156 من الدستور. وأكد عبد العال، خلال اجتماع مع المحررين البرلمانيين قبل عقد الجلسة العامة للمجلس، أمس، أنه «لا يستطيع أن يتحمل الآثار المترتبة على عدم إنجاز هذه المهمة في ضوء المسؤولية التاريخية التي تقع عاتقه». وأضاف: «لو كانت القرارات بقوانين متعلقة بقوانين اجتماعية أو صحية كان من الممكن إسقاطها وإعداد غيرها، لكنها متعلقة ببناء المؤسسات الدستورية، وبالأخص مؤسسة الرئاسة، ومجلس النواب». وتابع: «المجموعة الثانية من (القرارات بقوانين) متعلقة بكيان الدولة، حيث إن قانون الإجراءات الجنائية والعقوبات يأتي ضمن هذه المجموعة، وإذا لم يتم إقرارها، فسيتم الإفراج فورًا عن كل من ارتكب جرائم إرهابية، ولا أستطيع أن أتحمل هذه الآثار.. هذه مسؤولية تاريخية على المستوى الشخصي». وفي رفض على ما يبدو لقرار منع البث، ظهر النائب توفيق عكاشة في أروقة المجلس مكممًا، وكتب على شريط لاصق غطى فمه عبارة: «ممنوع من الكلام بأمر الحكومة داخل المجلس وخارجه». من جانبه، قال النائب جمال شيحة لـ«الشرق الأوسط» إن قرار تعليق البث سلاح ذو حدين، فمن حق الناس معرفة ما يدور بالمجلس، لكن لا يجب أن يكون ذلك أداة للاستعراض من جانب بعض النواب. وأضاف أنه لم يشارك في اتخاذ القرار لكنه أميل إلى الموافقة عليه لكونه يحفظ وقار وهيبة المجلس. من جهتها، رأت المستشارة تهاني الجبالي، أنه «يُنتظر من برلمان جاء بعد ثورتين (في إشارة لثورة 25 يناير و30 يونيو) أن نشهد خطوات للأمام لا خطوات إلى الخلف.. من حق الشعب أن يتابع أداء البرلمان المنوط به مهام جسام.. هذا قرار لا يسعدنا بكل تأكيد».