- في بلدة مضايا يحتضر الناس جوعا.. ويبحث من لا يزال يحتفظ بشيء من قوته من الآباء عن لقمة لأطفاله بين حاويات القمامة وبقايا الفتات في الشوارع، والعالم المعاصر يكتفي بالشجب والاستنكار والتفرج على صور الهالكين جوعا من خلال شاشات التلفاز والتأسي على أحوالهم.. وينتهي الأمر عند هذا الحد! - هذه البلادة في المشاعر والاستسلام المخزي تجعلنا نتساءل لو قيض الله لهؤلاء المحتضرين جوعا، إعلاما إنسانيا عالميا يظهر حقيقة كون هؤلاء البائسين مجرد ضحايا للأهواء السياسية ما بين ديكتاتور يرفض ترك شعبه يعيش بسلام وعدو خارجي طائفي يرغب في تحقيق أطماعه فوق أرضهم.. فهل كانت حالهم ستتغير قبل أن تصل إلى حد هذه الكارثة الإنسانية؟! - للأسف أصبح ما يحرك عالمنا اليوم هو "المكاسب السياسية المتوقعة"، وليس تحقيق العدالة الإنسانية بمفهومها الحقيقي الذي يكفل للإنسان أيا كان دينه ومذهبه ولونه وجنسه، العيش في إطار من الحرية والكرامة والأمان، ولذلك حين نفذت المملكة العربية السعودية حد القصاص على الإرهابيين الذين عاثوا في الأرض فسادا علا نباح "إيران وطقتها" واندفعت في أفعال غير عقلانية لتحاول كسب تعاطف "رعاع السياسة" ظنا منها أن ذلك سيحقق لها نتائج من مطامعها في بلادنا الغالية، والمثير للسخرية أنه من بين قائمة الـ47 إرهابيا الذين تم الاقتصاص منهم لم تتباك إيران إلا على واحد منهم، وهذا يبرهن أن عالمنا المعاصر له وجهان وإيران خير دليل على ذلك، فالرافعات التي اخترعت للبناء وعمارة الأرض هي في بلد مثل إيران تستخدم كـ "مشانق" لأهل السنة وللشعب الإيراني المغلوب على أمره.. ثم تأتي للتباكي على من عاث فسادا على أرض التوحيد! - ولا ننسى اليهود الذين "أشغلوا" العالم وجعلوا من "محرقة هتلر" عقدة ذنب يذكرون العالم بها كلما حاول الضمير العالمي أن يستيقظ ويستنكر أفعالهم اللاإنسانية في أطفال وشعب فلسطين المحتلة التي فاق ضحاياها ضحايا المحرقة المزعومة بأكثر مما نتخيل! - والأمثلة كثيرة لا يتسع المجال لحصرها للمقاييس الزائفة التي أصبح العالم يقيس بها المكاسب السياسية المتوقعة له في أي كارثة إنسانية وحجمها، وبناء عليه فإنه يقرر التدخل من عدمه! - ولأن كارثة مضايا.. لا تقع ضمن المكاسب السياسية المتوقعة فقد صمت العالم المزيف! وخزة يقول ألبرت شفايتزر "الإنسانية هي ألا يتم التضحية بإنسان في سبيل غاية".