في أعقاب الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي عقد بالقاهرة، لم يتوقف البيان الختامي، هذه المرة عند الادانة فقط، بل نص البيان على انشاء لجنة تتولى مواصلة بحث الأزمة لعرض التجاوزات الإيرانية على الامم المتحدة. التجاوزات الايرانية عديدة ومثبتة بالوقائع والادلة والقرائن، ولا مجال او امكانية لنفيها، كما ان المملكة لديها معلومات صادمة لايران، فيما يتعلق بتدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية ودول الخليج، وهذه الادلة بالتأكيد لن تستطيع الامم المتحدة سوى التعامل معها بمهنية عالية، لانها تتعلق بالامن والاستقرار والتعامل مع الارهاب، ودعم التنظيمات المتطرفة، واعداد وتزويد هذه التنظيمات بالاموال والاسلحة والخطط التنفيذية، والاشرافية. ولن يتوقف الامر عند هذه الحدود، وانما المعلومات ستكون صادمة للمجتمعات الغربية التي ستطلع على كم هائل منها تدين ايران في عمليات تفجير راح ضحيتها مواطنون عرب وأجانب آمنون في بلادنا، وفي عدد من الدول العربية المجاورة، ولان اليوم هو يوم المكاشفات المعلنة، ولان المملكة ظلت باستمرار، لا تميل الى الاثارة ولا الى الاستفزاز او التوظيف السلبي للاحداث، انطلاقا من منظومتها الاخلاقية، التي حكمت طبيعة علاقاتها مع دول الجوار، والدول الشقيقة والصديقة، الا انه ومع تزايد الصلف الايراني، ونتيجة للاعتداءات الآثمة والهمجية على مقرات البعثة الدبلوماسية السعودية، والذي لا تقبله الاعراف الدولية، فان المكاشفة والمواجهة ستكون نمطا جديدا من انماط السياسة السعودية. ان الذهاب الى الامم المتحدة هذه المرة، سيكون مدعما بالوثائق والحقائق، ولن تجرؤ ايران أو غيرها هذه المرة على التنكر للحقيقة، الحقيقة التي أودت بحياة العديدين في التفجيرات التي طالت بلادنا، والتي طالت المقيمين فيها من جنسيات مختلفة، لا بل ان المكاشفة الجديدة، ستوضح وبما لا يقبل الشك الدور الايراني في الدول العربية، والقتل على الهوية وحجم الاغتيالات التي لم تفرق بين ابناء الدين الواحد بشقيه السني والشيعي، لانها كانت تهدف الى دفع هذه الدول والمجتمعات لأتون الحرب والدمار والفوضى والصدام الطائفي. ان المملكة ودول الخليج والدول العربية، والتي صبرت كثيرا على ايران، فانها اليوم، تقولها علنا، ان للصبر حدودا، واتق الحليم اذا غضب، فقد اعتقدت طهران، بأن الصمت والهدوء والعقلانية، ليس الا حالة من الضعف والخوف، ولم تجربنا ايران في معارك حقيقية، وجل ما تشهده اليوم، ليس سوى تمرينات تجريها وزارة الخارجية ليس الا. اننا وبعد ان تطاولت ايران، وظنت انها الآمر الناهي في المنطقة، بعدما عاشت ردحا من الزمن في حالة من الغرور والازدواجية المقيتة، جعلتها دولة بلا أصدقاء، تمول التنظيمات الارهابية، وتفتقد سياساتها الرشد والحكمة، ولا تحترم الضيوف والمقيمين، وتظن انها حكومة إلهية، وتضرب عرض الحائط بالقانون الدولي واتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961، واتفاقية فينا للعلاقات القنصلية 1963، وتمتاز سياساتها بالدجل والخديعة، ونقض العهود والمواثيق، فاننا وكعرب وفي ظروف استراتيجية حادة ليس امامنا سوى وقف هذا التمادي، حفظا لكرامتنا الوطنية وامننا القومي. ان المملكة والدول العربية والخليجية سيكون لها مواقف مختلفة جدا هذه المرة لو فكرت ايران، من قريب أو بعيد الاساءة لنا او لأي دولة عربية، او بعثة دبلوماسية، او تدخلت في الشؤون الداخلية للدول والمجتمعات، وسيكون الحساب مرا وعسيرا وان كانت طهران قد تجرعت السم في منازلات سابقة، فانها اليوم، ستكون امام واقع جديد قد لا تكون فيه ايران التي نعرفها اليوم.