حققت رؤية المملكة لتعزيز مقومات الاقتصادي الوطني لتنويع مصادر الدخل، وتعزيز السلع ذات الجودة التنافسية لإحداث نقلة نوعية في مسيرة التنمية المستدامة بميزة تنافسية أخرى غير النفط، لتؤكد الموافقة السامية الكريمة بتاريخ 28 ربيع الأول من عام 1433ه الموافق 20 فبراير من عام 2012م بإنشاء أول مدينة اقتصادية مشروع الملك عبدالله لتطوير مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية شرق محافظة طريف 25 كلم، بدء وضع استراتيجية الثروة المعدنية والتعدينية تستفيد من هياكل التنمية القائمة لتنويع مصادر الاقتصاد السعودي، وتساهم في تطوير صناعة المعادن والصناعات التحويلية ذات القيمة الاقتصادية العالية، لتصبح رافداً لفوسفات حزم الجلاميد غرب عرعر 100 كلم، والذي أعلنه وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي عن وجود كميات ضخمة من الفوسفات في حزم الجلاميد، مما دفع الشركات العالمية للتوجه لهذا المكان الذي ضم منجم الفوسفات والذي يقدر انتاجه حسب معلومات على موقع شركة معادن السعودية بنحو 11،6 مليون طن في السنة من مركزات الفوسفات الجافة. وكما اشارات التقديرات إلى أن الاحتياطات المتوفرة في الجلاميد تصل إلى نحو "534" مليون طن، ولم تتوقف امكانات حزم الجلاميد على مخزونها من الفوسفات فحسب، بل تزخر بحقل غاز بشر فيه النعيمي الشعب السعودي في عام 2010 م، مما سيكون له دور كبير ويعزز من انتاج المملكة للغاز في عام 2020 إلى 13 مليار قدم يومياً، فلم يكن هذا الحلم مستحيلاً وخاصة بأن المملكة انشأت خط "التابلاين" في أوقات صعبة وهو خط أنابيب نفطي يمتد من "القيصومة" في المملكة حتى ميناء "صيدا" في لبنان، لتحقق لأهالي منطقة الحدود الشمالية تأسيس وتشييد أكبر مدينة تعدينية بعيد عن الشواطئ السعودية مشروع الملك عبدالله لتطوير مدينة وعد الشمال الذي يعد الأكبر من نوعه على مستوى العالم، ليعطي بعداً اقتصادياً واجتماعياً لمناطق الشمال في المملكة، حيث يقع على مساحة 440 كيلو متراً مربعاً خصص منها 150 كيلو متراً مربعاً لمشاريع معادن، والتي تعد محوراً أساسياً لمدينة وعد الشمال، تستثمر فيه شركة معادن وشريكاها الاستراتيجيان شركة سابك وشركة موزاييك، لإقامة تسعة مصانع كبيرة بمقاييس عالمية، منها سبعة مصانع في مشروع تطوير مدينة وعد الشمال بتكلفة مالية تقارب 28 مليار ريال، وثلاثة مصانع في مدينة رأس الخير الصناعية المنطقة الشرقية بطاقة انتاجية إجمالية تبلغ 16 مليون طن سنوياً لإنتاج مركزات الفوسفات وحامض الكبريتيك وحامض الفوسفات. كما تضم مصانع لإنتاج أحادي وثنائي فوسفات الكالسيوم المستخدم في صناعة الأعلاف الحيوانية، وكذلك مصانع لإنتاج حامض الفوسفوريك المركز المستخدم في الصناعات الغذائية، ومادة بولي فوسفات الصوديوم الثلاثية المستخدمة في صناعة المنظفات والاستخدام الصناعي، والتي ستوفر المدينة عند اكتمالها أكثر من 22 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، لتبدأ منذ توقيع العقود بوتيرة عمل تتزايد يوماً بعد يوم لتكوين قطاع التعدين الركيزة الثالثة للصناعة السعودية، لتستقطب قرابة 19 ألف عامل من جنسيات مختلفة يعملون في المدينة منذ توقيع العقود حتى الوقت الحالي، بينهم ثلاثة الاف موظف سعودي في المشروع منهم قرابة 2600 من أهالي المنطقة تم استقطابهم وتدريبهم، وتم انهاء نسبة 95% من البنية التحتية للمدينة تشمل الطرق الرئيسية من اسفلت وعبارات تصريف الأمطار وجسر القطار وإنارة الطرق بمسافة 35 كلم، وسيتم الانتهاء من كامل البنية التحتية بعد 40 يوماً بشكل كامل، كما أنه يتم الآن تجهيز ثلاثة مصانع كبيرة ستكون جاهزة خلال ثلاثة أشهر للعمل، إضافة إلى أنه سيتم خلال أشهر قليلة جداً تجهيز 300 وحدة من السكن بين فيلا وشقة في المدينة، وذلك من بين 1000 ألف وحدة سكنية جاري العمل عليها، إضافة إلى أن المدينة تشهد مراحل متقدمة في عمليات الإنشاء والتي تسعى من خلالها شركة معادن اتمام بناء المنشآت الصناعية والتي تسير وفق خطط مرسومة وفق الجدول الزمني المعد لذلك، حيث ضخت شركة معادن أكثر من مليار وثلاث مئة مليون ريال في اقتصاد المنطقة بتعاقدها مع موردين ومقاولين ومزودي خدمات من منطقة الحدود الشمالية خلال الفترة السابقة. ومن ضمن النهج التنموي لشركة معادن فقد أسست المعهد السعودي التقني للتعدين بعرعر بالتعاون مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ضمن برامج التميز ويبلغ عدد طلابه 356 متدرباً، إضافة إلى ذلك اطلقت الشركة مبادرة لتدريب أبناء المنطقة الشمالية لتأهيلهم للعمل في مشروعات وعد الشمال ليكونوا شركاء في مسيرة التنمية، التي أصبحت واقعاً حقيقياً في المنطقة الشمالية لمواكبة الصناعات العالمية، كما كان "التابلاين" سابقاً ساعداً في توطين أهل البادية، الذين كان معظمهم من الرحل الذي يتنقلون بين المناطق البرية ليستقروا في المدن الشمالية لتعليم ابنائهم ومعالجة مرضاهم في المراكز الصحية المعدة لخدمة أبناء المنطقة والعاملين في أنبوب "التابلاين"، وتحقق عصر حديث ورافد اقتصادي بوجود فوسفات حزم الجلاميد الذي ينقل الصناعات التعدينية من شمال المملكة إلى شرقها عبر ناقلات، ما أن تطورت خلال أعوام قليلة ليتم نقلها عبر سكة حديد من حزم الجلاميد شمال المملكة حتى رأس الخير في المنطقة الشرقية، لتستكمل مدينة وعد الشمال التي ينطلق العمل في ثلاثة مصانع خلال هذا العام 2016 م، لتنظم شمال المملكة إلى مدينتي الجبيل وينبع الصناعتين، وذلك لتكون هناك نقلة اقتصادية عالمية بتنويع مصادر الدخل ودعم قطاعي النفط والبتروكيماويات في الناتج المحلي، ومواصلة لمسيرة وتيرة العمل القائمة بشكل يسابق الزمن تم تجهيز محطة كهرباء 380 ربط استيراد الكهرباء من ضباء في مدينة وعد الشمال ليتم تشغيلها بعد شهر من الآن لخدمة المدينة بشكل كامل، إضافة إلى أن شركة الكهرباء وقعت قبل أيام بناء محطة وعد الشمال بنظام الدورة المركبة مع الطاقة الشمسية بطاقة 1050 ميجاوات، والتي ستكون خلال أربع سنوات ذات طاقة كهربائية عالية المستوى وعلى مقاييس عالمية ليس فقط لمدينة وعد الشمال بل لجميع مناطق الحدود الشمالية على المدى الطويل، وستسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي في المدينة، وتوفير وظائف جديدة للمواطنين السعوديين عبر دعم قطاع التصنيع المحلي، إضافة لعمل الشركة السعودية للخطوط الحديدية "سار" على ربط مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية بسكة حديد الشمال _ الجنوب وتزويدها بالمقطورات المناسبة بناء على توجيه مجلس الوزراء، وذلك لنقل حامض الفوسفوريك والكبريت الخام ومنتجات المشروعات الأخرى من مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية وإليها، وكذلك إنشاء محطة الركاب في تلك المدينة، لتنطلق أكبر وأوسع المشروعات والمدن الصناعية في تاريخ بلادنا الحديث، وتحقيق الرؤية الاستراتيجية من خلال وعد الشمال تتجاوز كل الابعاد لتكون جاذبة للاستثمارات الصناعية الأساسية والتحويلية الأخرى، كما سيكون هناك فرص استثمارية هائلة في ظل رؤية الحكومة بتنويع الاقتصاد، وتصنع الفارق في الاقتصاد الوطني بعيداً عن عائدات النفط، ويكون للصناعات التحويلية دور كبير في خلق نشاطات اقتصادية ذات قيمة تشكل دعامة أساسية للاقتصاد لمواجهة تقلبات أسعار النفط، وتزيد من حجم الصادرات وتقلل من فاتورة الاستيراد، فهي تعتبر من الصناعات ذات القيمة المضافة لحماية ودعم الاقتصاد.