أنهى المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في الساعات القليلة الماضية زيارته إلى السعودية، حيث عقد اجتماعات مطولة مع الهيئة العليا للتفاوض المنبثقة عن لقاء قوى المعارضة السياسية والعسكرية في الرياض، تحضيرا للمفاوضات المرتقبة بين وفدي النظام والمعارضة السورية في جنيف نهاية الشهر الحالي. وانتقل دي ميستورا أمس الخميس إلى أنقرة حيث التقى الوكيل الدائم لوزارة الخارجية التركية، فريدون سينير أوغلو، على أن يصل خلال ساعات إلى طهران، ليكون يوم السبت في دمشق لاستكمال المشاورات والإجراءات التمهيدية لانطلاق العملية السياسية من جديد. وبحسب مصادر في الأمم المتحدة فإن المفاوضات التي كان المبعوث الدولي قد طرح موعدا افتراضيا لها في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي «لن تكون شبيهة بتلك التي تمت بين وفدي المعارضة والنظام بإطار (جنيف1) و(جنيف2) في عامَي 2012 و2014». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «ستكون هذه المفاوضات مختلفة من حيث الشكل عن سابقاتها، وبالتالي لا ينفع إطلاق عليها تسمية (جنيف3)». وبينما لم تحدد المصادر شكل هذه المفاوضات أو ما إذا كان دي ميستورا يتمسك بموعد 25 يناير، استبعد عضوان في الهيئة العليا للتفاوض المعارضة الجلوس على الطاولة مع وفد النظام في جنيف بالتاريخ السابق ذكره، معتبرين أن هذا الموعد هو «افتراضي، ولا مجال للقفز فوق مقدمات لا بد منها قبل انطلاق العملية السياسية في جنيف». وقال رياض نعسان آغا، المتحدث باسم الهيئة، لـ«الشرق الأوسط» إن «الوقت أصبح ضيقا ولا يسمح بإتمام استحقاقات ما قبل التفاوض إن كان من قبلنا كمعارضة أو من قبل المجموعة الدولية»، مؤكدا في الوقت عينه أنّهم لن يرفضوا التوجه للحوار في هذا الموعد في حال كان هناك إصرار دولي، «باعتبار أننا نريد أيضًا أن تنطلق هذه المفاوضات». وأشار آغا إلى أن الهيئة توصلت إلى بعض التفاهمات مع دي ميستورا خلال اجتماعاتها معه يومي 5 و6 يناير في الرياض، لافتا إلى أن الأخير تفهم مطالبتها بـ«وقف إطلاق النار وفك الحصار وتأمين إيصال المساعدات وتحديد مفهوم الإرهاب قبل الجلوس على طاولة المفاوضات». وأضاف: «كما طالبناه بإقناع الروس بوجوب أن يوقفوا قصفهم المدنيين في سوريا قبل وخلال عملية التفاوض، علما بأن كل ما ننادي به جزء من القرار الأممي رقم 2254 ويؤسس لمرحلة حسن نيات قد تؤمن بدورها تباشير بناء الثقة المطلوبة». من جهته، قال عضو الهيئة فاروق طيفور لـ«الشرق الأوسط» إنّه تمت مطالبة دي ميستورا بـ«تحديد جدول أعمال المفاوضات مسبقا قبل الانطلاق في المفاوضات، نظرا لكون الفشل الذي مني به (جنيف2) ناتجا عن إقرار بشار الجعفري بأن لا صلاحية له للتوقيع على جدول الأعمال»، مشددا على وجوب أن يكون على «رأس الجدول بيان (جنيف1) وبالتحديد كيفية تشكيل هيئة حكم انتقالي». وأكد طيفور أن المبعوث الدولي لم يطلب إدخال أي تعديلات إلى الوفد المفاوض، لافتا إلى أنّه طلب الحصول على أسماء الوفد، «إلا أننا فضلنا التروي، علما بأن اللائحة جاهزة لدينا، بانتظار الحصول على أجوبة دي ميستورا على جملة الاستفسارات التي طلبناها». وقال مصدر من المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إنها لا تعتبر نفسها معنية كثيرا بما كشفته وكالة «أسوشييتد برس» عن «وثيقة أعدتها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تقول إن الرئيس السوري بشار الأسد لن يترك منصبه قبل مارس (آذار) 2017». وقال: «نحن اتفقنا في مؤتمر الرياض على أن لا دور للأسد في المرحلة القادمة، وعلى هذا الأساس نتوجه للمفاوضات موحدين كقوى معارضة، بغض النظر عن الموقف الأميركي». وردّت موسكو يوم أمس على الوثيقة الأميركية المذكورة، مؤكدة أن مسألة رحيل الأسد عن سدة الحكم في مارس 2017 لم تطرح في إطار اجتماعات أعضاء المجموعة الدولية لدعم سوريا في فيينا. وقال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «قد تكون لهم خططهم وترتيباتهم (الجانب الأميركي)، لكن ذلك لم يطرح في فيينا، وطرحه أمر مستبعد». ويعتبر بوغدانوف أن موقف موسكو المبدئي بشأن التسوية السورية يتمثل في أن «مسألة مستقبل سوريا، بما في ذلك الرئاسة، يقرره الشعب السوري.. وهذا مقرر في اتفاقات فيينا».