بعد التعليقات على إقرار وزارة المالية رفع الحد الأعلى للمبالغ المدفوعة لقيمة السيارات التي تؤمّن لكبار مسؤولي الدولة؛ فإن أصحاب المعالي والسعادة بحاجة إلى (راقٍ) يقوم برقية سياراتهم الجديدة والنفث في ماء (الرديتر) تحصينا لها من أعين الحساد التي استكثرت عليهم (حتة) سيارة لا تعدو أن تكون سوى (وسخ دنيا)، وكما قيل (الرازق في السماء، والحاسد في الأرض)، لذا فإنه ينبغي على وزارة المالية أن تصدر قرارا إلحاقيا بتأمين (راقٍ) لسيارة معاليه، ويمكن أن تستحدث وظيفة بذلك المسمى ويكون الراقي مع معاليه في حله وترحاله، خصوصا وأن فشل بعض الوزراء قد يكون مرجعه (عين) أو(سحر) بسبب المخصصات الممنوحة لمعاليه من الخزينة العامة. التعليقات الساخرة على القرار أعادت قضية بالغة الأهمية وهي؛ ضرورة إعادة النظر في سلم رواتب الموظفين المتخشب من عدة عقود من الزمن، سوى من زيادات طفيفة كان آخرها (الخمسة) المشهورة التي سرعان ما التهمها طوفان التضخم المتنامي في السلع الأساسية، فقد ظلت الرواتب تراوح مكانها دون زيادة أو تغيير في الوقت الذي تنامت فيه موجة الغلاء في السلع والخدمات، وتبدلت فيه أنماط السلوك الاجتماعية بحيث أصبحت الكماليات حاجات أساسية للفرد لا يمكن الاستغناء عنها، إضافة إلى عدم وجود حل جذري لملف السكن الذي يلتهم أكثر من ثلث مرتب الموظف المتوسط الذي يشكل الشريحة الكبرى من موظفي الدولة، وإذا ما استمر الأمر على ما هو عليه دون تغيير؛ فإن نسبة الداخلين إلى نادي الفقراء سيزداد سنة تلو الأخرى. (بدل السكن) و(التأمين الصحي) قضيتان أساسيتان لابد من التعاطي معهما بجدية، لأنهما سيعيدان التوازن الاقتصادي لشريحة واسعة من المجتمع، وسيساهمان في مواجهة تلاشي الطبقة الوسطى الكادحة، و كما أوجدت وزارة المالية حلا لمشكلة غلاء أسعار السيارات المخصصة لأصحاب المعالي والسعادة بـ (جرة) قلم، فهي قادرة بالتعاون مع مؤسسات الدولة الأخرى على إيجاد حل عاجل لتدني مرتبات موظفي الدولة، ومخصصات التقاعد، يبدأ بإعادة مراجعة نظام الخدمة المدنية ولوائحه التنفيذية، وإعادة تقييم لسلم الرواتب يراعي التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها الدولة، وأن يتم التعاطي مع هذا الملف من جانب سياسي وأمني، وليس مجرد أرقام يرددها الاقتصاديون في تقاريرهم و دراساتهم الجامدة.